أثار موضوع الانتخابات العشائرية جدلاً واسعاً في المنطقة العربية، خاصة مع تباين المواقف القانونية بين الدول. ففي الوقت الذي لا ينظم القانون الأردني الانتخابات العشائرية بشكل صريح, نجد أن الكويت تجرمها بموجب المادة 45 من قانون الانتخاب.
هذا التباين يطرح تساؤلات جوهرية حول طبيعة هذه الممارسات وتأثيرها على العملية الديمقراطية وما إذا كانت تُعتبر شكلاً من أشكال المال السياسي الأسود أم ممارسة مجتمعية مشروعة.
الوضع القانوني في الأردن: غياب التنظيم الواضح
موقف السلطة التنفيذية
أوضح وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة أن قرار إجراء انتخابات عشائرية لا يخص الحكومة، بل هو شأن عشائري, مؤكداً أن السلطة التنفيذية لم تُشرع، كما لم تمنع، هذا الأمر. هذا الموقف يعكس حالة من الغموض القانوني حول طبيعة هذه الممارسات ومشروعيتها.
السماح الاستثنائي أثناء جائحة كورونا
تم السماح بإجراء الانتخابات العشائرية في ظل جائحة كورونا كاستثناء مخالف لأوامر قانون الدفاع, حيث طلبت بعض العشائر الإذن من المحافظين في مناطقها لإجراء هذه الانتخابات، وتمت الموافقة عليها في إطار إجراءات صحية معينة. هذا القرار أثار انتقادات واسعة من مراقبين واعتبروه تعزيزاً للاتجاهات العشائرية والمناطقية في الانتخابات التشريعية.
تأثير العشائرية على النظام السياسي
يشرح النائب نبيل غيشان أن المجتمع الأردني هو “مجتمع عشائري، ونحن لم نتجه إلى تطوير قوانين الانتخاب لإنقاذنا من هذه العشائرية”. ويؤكد أن العشائرية في الأردن قوة قائمة، وأن الحكومة بمؤسساتها تشجعها. هذا الواقع يجعل العشائرية تفرض نفسها بقوة على الساحة السياسية وتهمش الأحزاب والقوى السياسية.
التجربة الكويتية: التجريم الصريح
الإطار القانوني للتجريم
تنص المادة 45 من قانون الانتخاب الكويتي على تجريم “كل من نظم أو اشترك في تنظيم انتخابات فرعية أو دعا إليها”, وتعرفها بأنها “التي تتم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخابات لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين لفئة أو طائفة معينة”.
العقوبات المقررة
يعاقب القانون الكويتي مرتكبي هذه الجريمة بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار. هذه العقوبات الصارمة تعكس جدية الموقف الكويتي في مكافحة هذه الممارسات.
التطبيق العملي
تم تحويل بعض النواب السابقين والحاليين إلى النيابة العامة للتحقيق معهم على ضوء مشاركتهم في الانتخابات الفرعية بين قبائلهم, إلا أنها عادة ما تنتهي بتعهد بعدم التكرار أو بكفالة مالية. هذا يشير إلى وجود فجوة بين النص القانوني والتطبيق العملي.
إشكالية المال السياسي الأسود
التمييز بين المال المشروع وغير المشروع
يخلط البعض بين المال السياسي والمال الأسود, فـالمال السياسي مشروع لتمويل وتجهيز الحملات الانتخابية من قبل الأحزاب أو الأفراد أو العشائر. وقد أطرته الهيئة المستقلة للانتخاب بواقع ومعدل ثلاث إلى خمس دنانير للناخب الواحد للصرف على دعاية الحملات الانتخابية.
في المقابل، المال الأسود غير مشروع ويعاقب عليه القانون حيث شراء الذمم والأصوات والضمائر في سواد الليل الحالك. هذا التمييز ضروري لفهم طبيعة الإشكالية المثارة حول الانتخابات العشائرية.
العقوبات في القانون الأردني
تنص المادة 63 من قانون الانتخاب الأردني على تجريم كل فعل متصل بتقديم أو عرض مبلغ من المال أو المنفعة على ناخب لحمله على الاقتراع بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين, إضافة إلى حرمان المرشح الذي يدان بهذه الجريمة من حقه في الترشح في الدورة الحالية أو التي تليها.
وجهات النظر المتباينة
الموقف المؤيد للانتخابات العشائرية
يرى النواب الذين قدموا اقتراح إلغاء تجريم الانتخابات الفرعية في الكويت أن النظام الانتخابي يتضمن الكثير من العراقيل, وأن القبائل أحد المكونات الأساسية في الشعب الكويتي، فلا ضير إذا اجتمعت واختارت من تراه الأكفأ. كما يعتبرون أن إلغاء تجريم الانتخابات أفضل من إحراج تطبيقها.
الموقف المعارض
يعبر معارضو إلغاء القانون عن دهشتهم من الاقتراح المقدم، ويرون فيه حجراً على رأي الأقلية, وأنه يفرز أشخاصاً لا يتسمون بالكفاءة حصلوا على ثقة القبيلة أو الطائفة على حساب كفاءات أخرى قادرة على العطاء للوطن. ويؤكدون أن الكويت أولاً ومن بعدها تأتي القبيلة أو أي شيء آخر.
موقف الخبراء والمختصين
يعتقد مراقبون ومختصون أن سماح الحكومة الأردنية بإجراء انتخابات عشائرية داخلية يعزز الاتجاهات العشائرية والمناطقية في الانتخابات التشريعية، ويقلل من فرص الترشح على أساس برنامج حزبي سياسي.










