تشهد الساحة الاقتصادية السودانية منذ مطلع سبتمبر 2025 متغيرات مؤثرة على سعر صرف الجنيه السوداني، وسط تحديات اقتصادية وضغوط سياسية غير مسبوقة. وفي ظل هذا التذبذب، يحاول المستثمرون والمواطنون رصد حركة العملة الوطنية يوميًا لتحديد خياراتهم ما بين الاستثمار، الادخار، أو حتى المعاملات التجارية البسيطة.
أسعار الجنيه السوداني اليوم أمام الدولار والجنيه المصري
وفق أحدث بيانات الأسواق والبنوك وشركات الصرافة، استقر سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه السوداني اليوم الثلاثاء عند حوالي 600.50 جنيه سوداني للدولار الواحد في التعاملات الرسمية. أما في السوق الموازي، بلغ متوسط سعر الدولار نحو 3,500 جنيه سوداني، ما يعكس الفجوة الهائلة نتيجة الضغوط على العملة منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023، إذ فقد الجنيه السوداني أكثر من 500% من قيمته في أقل من عامين ونصف.
أما عند المقارنة مع الجنيه المصري، سجل الجنيه السوداني قفزة إيجابية، فبلغ سعر 1 جنيه سوداني نحو 0.0806 جنيه مصري، فيما وصلت قيمة 1000 جنيه سوداني إلى 80.6 جنيه مصري، بحسب بيانات بداية تعاملات اليوم في البنوك المصرية وشركات الصرافة المحلية:
الجنيه السوداني الجنيه المصري
1 0.0806
10 0.806
100 8.06
1000 80.6
10000 806
100000 8,060
1,000,000 80,600
تظهر هذه الأرقام تراجعًا واضحًا في الجنيه السوداني أمام العملات الإقليمية والدولية خلال الأشهر الماضية، مع موجات متتالية من الانخفاض والتذبذب في الأسعار.
أسباب التغيرات الأخيرة في أسعار الجنيه السوداني
يعزو خبراء الاقتصاد التباين الحاد في سعر صرف الجنيه السوداني خلال العام الجاري إلى عدة أسباب رئيسية:
استمرار الأزمة السياسية والاشتباكات الداخلية منذ أبريل 2023، وانعكاساتها المباشرة على المشهد المالي والمصرفي في الخرطوم وبقية الولايات.
انكماش احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي السوداني، وتراجع مصادر دخل العملة الأجنبية بعد فقدان معظم عائدات النفط إثر انفصال جنوب السودان.
ارتفاع معدل التضخم السنوي في السودان، الذي تجاوز بحسب تقديرات المؤسسات الدولية حاجز الـ150% في بعض الفترات، مما أدى إلى تآكل القوة الشرائية للجنيه السوداني.
تغيرات السياسة النقدية للبنوك المركزية المحلية والدولية، لا سيما السياسات الانكماشية في الفائدة وسعي المواطنين والمستثمرين للتحوط عبر تحويل الأموال إلى عملات أكثر استقرارًا كالدولار أو الجنيه المصري.
تقلبات أسعار السلع الأساسية عالميًا، خصوصًا النفط والذهب، وما لذلك من انعكاس مباشر على وفرة النقد الأجنبي في السودان.
تداعيات على الاقتصاد والمواطنين
تسببت هذه التقلبات الحادة في أسعار الجنيه السوداني في آثار سلبية عميقة على الاقتصاد السوداني والمواطنين في عدة محاور:
ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية نتيجة زيادة التكلفة في الاستيراد مع تراجع القدرة الشرائية للجنيه السوداني.
زيادة التحويلات المالية الخارجية، حيث أصبح تحويل الأموال للخارج أو استقبالها من المغتربين أكثر تعقيدًا وفجوة، مع تغير الأسعار في السوق والمصارف.
انخفاض حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية نتيجة عدم استقرار السوق وصعوبة التنبؤ بأسعار الصرف المستقبلية.
انتقال جزء كبير من التداولات إلى السوق السوداء للتحايل على القيود المصرفية وفرق الأسعار الكبير بين السوق الرسمي والموازي.
توقعات المستقبلية للجنيه السوداني
تشير توقعات المحللين الدوليين إلى استمرار ضعف أداء الجنيه السوداني حتى نهاية العام، مع إمكانية تراجعه تدريجيًا أمام الدولار والجنيه المصري إذا استمرت الأزمة السياسية والانكماش الاقتصادي. بحسب نماذج تداول الاقتصاديات، قد يصل سعر الدولار الرسمي إلى 601.81 جنيه بنهاية الربع الحالي، ويرجح أن يحتفظ الجنيه السوداني بوضع ضعيف خلال الاثني عشر شهرًا القادمة.
تظل كل الأنظار متعلقة بمسارات الحوار السياسي وإصلاح النظام المصرفي السوداني كحجر أساس في أي عملية إنقاذ أو استقرار فعلي للجنيه السوداني خلال الفترات القادمة.











