جدد مجلس التعاون الخليجي موقفه السابق الداعم لما أسماه “الحق السيادي” لدولة الإمارات العربية المتحدة على الجزر الثلاث المتنازع عليها مع إيران، ودعا إلى تدخل محكمة العدل الدولية في هذا الشأن.
أعلن مجلس التعاون الخليجي في بيان يوم الإثنين 10 سبتمبر/أيلول أن المجلس “يؤكد مجددا مواقفه الثابتة وقراراته السابقة التي تدين استمرار احتلال إيران للجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة”.
الموقف الخليجي الموحد والثابت
إدانة الاحتلال الإيراني
أصدرت الدول العربية الست في مجلس التعاون الخليجي – الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت – مراراً وتكراراً بيانات تدعم أبو ظبي بشأن النزاع على الجزر الثلاث.
“يؤكد المجلس مجدداً مواقفه الثابتة وقراراته السابقة التي تدين استمرار احتلال إيران للجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة”
– البيان الختامي لمجلس التعاون الخليجي
منذ عام 1992، أصبح موضوع الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة للإمارات العربية المتحدة، بنداً ثابتاً على جدول أعمال المجلس الأعلى والمجلس الوزاري.
الدعوة للحلول السلمية
دعا مجلس التعاون إيران للاستجابة لمساعي الإمارات العربية المتحدة لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. كما اعتبر المجلس أن أي قرارات أو ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث “باطلة ولاغية ولا تغير شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية”.
الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للجزر
الموقع الجغرافي الحيوي
رغم صغر مساحة الجزر الثلاث فإن أهميتها الاستراتيجية والاقتصادية كبيرة جداً وهي سبب النزاع عليها، فهي تقع في منطقة حساسة من الخليج العربي وتوجد بالقرب منها الممرات الآمنة للملاحة البحرية فيه.
وتشرف الجزر على مضيق هرمز الذي يمر عبره يومياً حوالي 40% من الإنتاج العالمي من النفط، ويربط بين خليج عُمان والخليج العربي. طنب الكبرى وطنب الصغرى تقعان على بعد حوالي 50 كيلومتراً شمال الساحل الإماراتي بينما تقع جزيرة أبو موسى إلى الجنوب الغربي منهما.
الثروات الطبيعية
ومن الناحية الاقتصادية فإن هذه الجزر الثلاثة تزخر ببعض الثروات الطبيعية المهمة مثل: النفط، وأكسيد الحديد الأحمر، وكبريتات الحديد، والكبريت. وفي عام 1972 أعلن حاكم الشارقة آنذاك سلطان بن محمد القاسمي اكتشاف النفط في المياه الإقليمية لـجزيرة أبو موسى.
التاريخ والخلفية القانونية
الجذور التاريخية للنزاع
ترجع جذور الأطماع الإيرانية في الجزر العربية إلى القرن الثامن عشر عندما تمكن القواسم من بسط سيطرتهم على سواحل الخليج العربي الجنوبية. تعود ملكية هذه الجزر الثلاث تاريخياً إلى قبيلة القواسم الذين كانوا وما زالوا يحكمون إمارتي رأس الخيمة والشارقة كما تثبت الوثائق التاريخية لما يقرب من ثلاثمائة عام.
أقدمت إيران في 30 نوفمبر عام 1971 على احتلال الجزر الإماراتية الثلاث: طنب الكبرى، وطنب الصغرى اللتان تتبعان إمارة رأس الخيمة، وجزيرة أبو موسى التي تتبع إمارة الشارقة، قبل أيام من استقلال الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971.
الموقف الإيراني والرد الدبلوماسي
الادعاءات الإيرانية
تقول إيران إن لديها مستندات ووثائق تاريخية تثبت أحقيتها بالجزر، لكنها ترفض إحالة الأمر إلى التحكيم الدولي وتنكر أي علاقة لـمحكمة العدل الدولية بهذا الخلاف. قالت طهران إن مجرد الحديث عن الجزر الإماراتية الثلاث -التي تحتلها إيران- يمثل تدخلاً في الشأن الإيراني الداخلي.
التصعيد الإيراني
في المقابل كانت إيران توسّع وجودها واستغلالها الاستراتيجي للجزر الثلاث وتطوّر نفوذها هناك، غير مستجيبة للتهديدات الإماراتية ولجهود الوساطة الدولية. فأسست مطاراً في جزيرة أبو موسى، وافتتحت بلدية إيرانية في الجزيرة. ومع حلول عام 2012 أعلنت قيام محافظة جديدة أُطلق عليها “خليج فارس” وجعلت جزيرة أبو موسى عاصمتها.
الجهود الدبلوماسية والمبادرات
المبادرات الخليجية
من الخطوات الهامة في هذا الإطار، قرار المجلس الوزاري في دورته الحادية والسبعين التي عقدت في مدينة جدة بتاريخ 3 يوليو 1999، الخاص بإنشاء لجنة وزارية من كل من المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر، ومعالي الأمين العام لمجلس التعاون، بهدف وضع آلية لبدء المفاوضات المُباشرة لحل قضية احتلال إيران للجزر الثلاث. ولكن إيران رفضت استقبال هذه اللجنة.
تأثير النزاع على العلاقات الإقليمية
اتسمت العلاقات الإيرانية – الخليجية بالتذبذب من حين إلى حين؛ بسبب سياسة إيران تجاه الإمارات في أمر الجزر الإماراتية (أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى) إضافة إلى تدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.
وأمام تصلب موقف إيران وتمسكها بـالجزر الثلاث، ورفضها لأي مفاوضات حول هذا الشأن وصلت المساعي المبذولة إلى طريق مسدود. الأمر الذي دفع المسؤولين في الإمارات العربية إلى طرح موقف جديد محدد يتمثل في المطالبة باللجوء إلى محكمة العدل الدولية للبت في النزاع.










