أظهرت أدلة جمعتها منظمة العفو الدولية تورط قوات سلطة أحمد الشرع وعناصر أمنية في إعدامات ميدانية موثقة طالت عشرات المدنيين خلال تموز/يوليو في محافظة السويداء.
وأضاف التقرير أن المسؤول عن الإعدامات والهجمات على السويداء هو عناصر تابعة للحكومة السورية وأخرى مرتبطة بها، إثر التحقق من الفيديوهات التي بثها العناصر بأنفسهم.
الضحايا والأرقام المروعة
وثقت منظمة العفو الدولية إطلاق النار المتعمد على 46 درزيا وقتلهم (44 رجلا وامرأتين)، علاوة على إعدام وهمي لشخصين كبيرين في السن يومي 15 و16 يوليو/تموز2025.
وجرت الإعدامات التي نفذتها القوات الحكومية وتلك التابعة لها في ساحة عامة، ومنازل سكنية، ومدرسة، ومستشفى، وقاعة احتفالات في محافظة السويداء.
مقاطع الفيديو المصورة بواسطة المنفذين
تظهر مقاطع فيديو تحقق مختبر الأدلة التابع لمنظمة العفو الدولية منها رجالا مسلحين بزي عسكري وهم يعدمون 12 رجلا على الأقل رميا بالرصاص – أحدهم في مدرسة، وثمانية في ساحة عامة، وثلاثة في شقة سكنية.
أظهر مقطع فيديو ثمانية رجال على الأقل يرتدون زي عسكري ويحملون بنادق من طراز إيه كيه (AK) داخل شقة سكنية. وقد أطلقوا النار على ثلاثة رجال من عائلة العرنوس بينما أرغموهم على القفز من الشرفة.
ووثقت المنظمة عملية إعدام جماعي لثمانية رجال في ساحة تشرين، حيث بينت المقاطع المصورة رجالا مدنيين يساقون من قبل مسلحين بزي عسكري قبل أن يطلق عليهم النار بشكل متواصل لأكثر من 15 ثانية.
وأكد شاهد عيان أن الحادثة وقعت صباح 16 تموز/يوليو بحضور قوات حكومية وتشكيلات تابعة لها.
استهداف المرافق الطبية والتعليمية
أحد أكثر المشاهد إثارة للصدمة كان إعدام رجل في مستشفى السويداء الوطني، حيث أظهرت مقاطع مصورة مسلحين يرتدون زي أمني أسود ينفذون عملية الإعدام داخل المرفق الطبي. كما تم توثيق إعدام في مدرسة بقرية ثعلة في ريف السويداء.
شعارات طائفية وممارسات مهينة
أشارت منظمة العفو الدولية إلى أن عمليات القتل رافقها إطلاق شعارات طائفية وممارسات مهينة بحق رجال الدين الدروز، من بينها حلق شواربهم بالقوة.
وأضافت أن “الشوارب تحمل دلالات روحية هامة” للأقلية الدرزية، مما يجعل هذه الممارسة انتهاكا طائفيا مقصودا.
استهداف منهجي للمجتمع الدرزي
وصفت الباحثة المعنية بشؤون سوريا في منظمة العفو الدولية ديانا سمعان الانتهاكات بأنها “تذكير آخر مرير بالعواقب المميتة للإفلات من العقاب على عمليات القتل الطائفية في سوريا”.
وأضافت أن هذا العنف “يترك مجتمعا آخر محطما، ويؤجج المزيد من الاضطرابات”.
شارات داعش على الزي العسكري
كشفت منظمة العفو الدولية عن وجود “شارة سوداء” ترتبط بتنظيم “داعش” “على بذلات ما لا يقل عن 4 رجال بالزي العسكري ممن ظهروا في مقاطع الفيديو التي تحققت المنظمة منها”. لكن التنظيم لم يعلن مسؤوليته عن أي هجمات في السويداء.
وأضافت المنظمة أن “الرجال المتورطين في تنفيذ عمليات الإعدام ارتدوا أنواعا مختلفة من الملابس: الزي العسكري المموه أو البيج أو الزيتي، وملابس مدنية مع سترات ذات طابع عسكري، وزيا أسود سادة يتسق مع ذلك الذي ترتديه قوات الأمن الرسمية، فيما حمل بعض هذه البذلات شارات (الأمن العام)”.
تصاعد التوترات الطائفية
بين 11 و12 يوليو/تموز2025، شهد التوتر في جنوب سوريا بين الجماعات الدرزية المسلحة والمقاتلين من العشائر البدوية تصعيدا أفضى إلى اشتباكات مسلحة.
وفي 15 يوليو/تموز، قالت القوات الحكومية إنها دخلت مدينة السويداء “لفرض الاستقرار” وفرضت حظر تجول.
الضربات الإسرائيلية والتصعيد
وفي اليوم نفسه، شنت إسرائيل غارات جوية على مركبات عسكرية سورية، فقتلت 15 فردا على الأقل من القوات الحكومية. وقد تسببت التقارير الواردة حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها القوات الحكومية والقوات التابعة لها في السويداء بتجدد القتال مع الجماعات المسلحة الدرزية.
تشكيل لجنة تحقيق
في 31 يوليو/تموز، شكلت وزارة العدل لجنة للتحقيق في الانتهاكات التي حصلت في السويداء ومحاسبة المسؤولين عن ارتكابها. وتعهدت السلطات بأن ترفع تقريرها النهائي خلال 3 أشهر.
وفي 22 يوليو، قال وزير الدفاع إنه كان على علم بـ”انتهاكات صادمة وخطيرة ارتكبتها مجموعة مجهولة ترتدي زيا عسكريا في مدينة السويداء”.
هذا الاعتراف يأتي رغم الأدلة التي تشير إلى تورط قوات نظامية في الانتهاكات.
وفي 12 أغسطس/آب، بعثت منظمة العفو الدولية برسالتين إلى وزيري الداخلية والدفاع السوريين، عارضة عليهما النتائج الأولية التي توصلت إليها وطالبة معلومات حول سير التحقيق الحكومي. وحتى وقت نشر هذا البيان، لم تتلق أي رد.
الإحصائيات الأوسع للعنف
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، أسفرت أعمال العنف عن مقتل أكثر من ألفي شخص بينهم 789 مدنيا درزيا “أعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية”.
هذه الأرقام تؤكد أن الانتهاكات الموثقة من منظمة العفو الدولية هي جزء من نمط أوسع من العنف المنظم.
حملة أوسع من المجازر
يضيف تحقيق المنظمة الدولية المزيد من الأدلة على أن الانتهاكات لم تكن حوادث معزولة، بل جزء من حملة أوسع من المجازر راح ضحيتها أكثر من 1500 إنسان في المحافظة وفق توثيق مصادر حقوقية، خلال اجتياح قوات الحكومة المؤقتة للمحافظة منتصف تموز الماضي.
دعوات للمحاسبة الدولية
العفو الدولية شددت على أن الحكومة السورية المؤقتة مطالبة بمحاسبة قوات الأمن والجيش والفصائل التابعة لها على إعدامات خارج نطاق القضاء بحق مدنيين دروز في السويداء (15–16 تموز). وأشارت إلى أن الانتهاكات المروعة تذكير بآثار الإفلات من العقاب على جرائم القتل الطائفية في سوريا.
وقالت ديانا سمعان: “عندما تقتل القوات الأمنية أو العسكرية الحكومية بصورة متعمدة وغير مشروعة شخصا ما، أو عندما تفعل ذلك قوات تابعة لها بتواطؤ من الحكومة أو برضاها، يشكل ذلك عملية إعدام خارج نطاق القضاء، وهي جريمة يشملها القانون الدولي”.
انتهاكات من جهات متعددة
كما تلقت منظمة العفو الدولية تقارير موثوقة حول عمليات اختطاف ارتكبتها جماعات درزية مسلحة ومقاتلين من العشائر البدوية بين 17 و19 يوليو/تموز.
وتجري المنظمة حاليا تحقيقا في هذه التقارير، مما يؤكد التزامها بتوثيق الانتهاكات من جميع الأطراف.
تفكيك الثقة بين المكونات
كما أضافت المنظمة أنه بعد استهداف مدنيين علويين سابقا، جاء العنف ضد الدروز ليزيد الاضطرابات وفقدان الثقة بالعدالة. هذا النمط من العنف الطائفي المنظم يهدد بتفكيك النسيج الاجتماعي في سوريا ويقوض أي إمكانية للمصالحة الوطنية.
الانتهاكات المروعة في السويداء تظهر استمرار دورة العنف الطائفي التي تغذيها سياسة الإفلات من العقاب.
بدون محاسبة حقيقية، تحذر منظمة العفو الدولية من أن هذه الانتهاكات ستتكرر ضد مكونات أخرى من المجتمع السوري










