في قلب أوروبا، وتحديدًا في مدينة بليد الساحرة بجمهورية سلوفينيا، شارك الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، في فعاليات الدورة العشرين لمنتدى بليد الاستراتيجي الذي انعقد يومي الأول والثاني من سبتمبر 2025. المنتدى يُعد منصة نخبوية للحوار حول السياسات الدولية وطرق التصدي للتحديات العالمية، بمشاركة أكثر من 2,000 شخصية من كبار المسؤولين وصناع القرار من 50 دولة، ما جعل الحضور المصري محطة اهتمام بارزة في أوساط السياسة الأوروبية والدولية.
كلمة الوزير: صوت مصر في الساحة الأوروبية
في كلمته أمام المؤتمر، أكد عبدالعاطي حرص مصر على توظيف مشاركتها في هذا المحفل الدولي الهام لعرض رؤيتها المتكاملة تجاه الأزمات الدولية، وفي مقدمتها الأزمة الإنسانية في غزة. أشار إلى أن مصر تتحرك بنشاط لوقف إطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية، مشددًا على أن الاستمرار في العدوان الإسرائيلي وسياسات التهجير والاستيطان يهدد فرص تحقيق السلام الحقيقي ويقوض حلم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
عبّر الوزير عن تقديره للموقف السلوفيني الداعم للقضية الفلسطينية، وثمّن الاعتراف الرسمي الذي قدّمته سلوفينيا لدولة فلسطين، بخلاف استقبالها للعديد من الأطفال المصابين من غزة وإعادة تأهيلهم بمرافقها الطبية. ودعا الدول الأوروبية إلى الضغط الفعلي على إسرائيل لرفع الحصار وإدخال المساعدات بشكل عاجل، مؤكداً أن مصر ستستضيف مؤتمرًا دوليا لإعادة إعمار غزة فور تحقيق تهدئة ووقف إطلاق النار.
التصريحات الأبرز: شراكة اقتصادية وتطورات إقليمية
على هامش المؤتمر، عقد عبدالعاطي سلسلة من اللقاءات الثنائية الغنية بالأبعاد السياسية والاقتصادية. فقد التقى رئيسة جمهورية سلوفينيا ناتاشا بيرتس موسار، ووجّه لها دعوة رسمية لزيارة مصر وحضور افتتاح المتحف المصري الكبير، الحدث الذي يعد رمزا للحضارة المصرية وقدرتها على الجمع بين الأصالة والانفتاح الدولي.
كما تناول لقاءاته تعزيز التعاون البرلماني، ودعا إلى دعم نواب البرلمان السلوفيني في البرلمان الأوروبي للعلاقات مع مصر، لضمان استقرار سياسي وتنمية مستدامة. ناقش الوزير أيضًا إمكانات التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، الذكاء الاصطناعي، الرقمنة، والخدمات اللوجستية، موضحًا أن موقع مصر الاستراتيجي وحوافزها الاستثمارية يمنحها قدرات كبيرة لجذب الاستثمارات الأوروبية وتوسيع الشراكات البنّاءة.
في تصريحاته للإعلام، شدد عبدالعاطي على أن المشاركة المصرية الفاعلة تؤكد مكانة مصر كقوة إقليمية محورية وشريك أساسي في صياغة الحلول الدولية، وأن القيادة السياسية في مصر تتبنى دبلوماسية نشطة قائمة على الحوار والبناء المشترك لمستقبل أكثر استقرارًا وعدالة للشعوب.
القضية الفلسطينية: محور التنسيق المصري الأوروبي
خصص الوزير جزءاً من لقاءاته للتأكيد على أهمية الجهود الإقليمية والدولية لدعم الحقوق الفلسطينية المشروعة وتحقيق الاستقرار الإقليمي. تركز حديثه مع وزيرة خارجية سلوفينيا على ضرورة تحرك الاتحاد الأوروبي بفاعلية أكبر نحو إجبار إسرائيل على وقف انتهاكاتها وتسهيل دخول المساعدات، محذرًا من أن أي تساهل أمام استمرار المجاعة وموجات النزوح يهدد بزيادة حدة الأزمة في المنطقة.
وشدد الوزير، في حضور قادة أوروبا، على أن مصر مستمرة في لعب دور الجسر النشط بين أوروبا والعالمين العربي والإفريقي، مؤكداً أن الحوار والتنسيق المصري السلوفيني يعطي دفعات قوية لإصلاح منظومة العمل الدولي متعدد الأطراف، ومعالجة أزمات الهجرة غير الشرعية والأمن الغذائي والطاقة.
يؤكد حضور وزير الخارجية المصري في منتدى بليد أن القاهرة تستعيد زمام المبادرة في المتغيرات الدولية، موجهاً رسالة واضحة للعالم بأن الدبلوماسية المصرية قائمة على الحوار النشط والمواقف الحاسمة في القضايا الإنسانية والإقليمية.










