شهد قلب القاهرة، اليوم، حالة استنفار أمني بعد تداول أنباء عن تصاعد أدخنة من مبنى سنترال رمسيس التابع للشركة المصرية للاتصالات، الأمر الذي أثار حالة من الذعر بين مستخدمي الإنترنت والهواتف الأرضية في العاصمة وما حولها.
حقيقة الدخان وحوادث الحريق الأخيرة
سرعان ما نفت مصادر رسمية ووزارة الاتصالات أي وجود لحريق جديد في المبنى؛ مؤكدة أن ما لوحظ عبارة عن أتربة وغبار ناتج عن أعمال الصيانة والتجديد الجارية داخل السنترال، بعد حادث الحريق الكبير الذي ألمّ بالمبنى في يوليو الماضي.
وأوضحت المحافظة أن الأمر اقتصر على أعمال التنظيف والصنفرة، ما تسبب في ظهور كميات من التراب دون وقوع أي تلف جديد أو خسائر بشرية، وأهابت بوسائل الإعلام تحري الدقة قبل نشر الأخبار وترويع المواطنين.
ملخص الكارثة في يوليو الماضي
في صيف 2025، اندلع حريق ضخم في الطابق السابع من سنترال رمسيس، أحد أهم مراكز الاتصالات بمصر، امتد الحريق لساعات وتسبب في وفاة أربعة موظفين وإصابة 27 آخرين، معظمهم بحالات اختناق وحروق. أدى الحريق إلى أعطال وشلل واسع في خدمات الإنترنت والاتصالات الأرضية والمحمولة بالقاهرة الكبرى، وتأثرت خدمات البنوك الإلكترونية والصراف الآلي، وانخفض الاتصال الوطني بنسبة 62% من المعدل الطبيعي وفقًا لإحصائيات محلية.
آثار الحريق على الاقتصاد والمجتمع
لم تقتصر تداعيات الحريق على النظام الاتصالات فقط؛ فقد اضطر البنك المركزي المصري لرفع الحد الأقصى للسحب النقدي إلى 500,000جنيه مصري، كما علقت البورصة المصرية التداولات ليوم كامل، في ظل اضطراب كفاءة أنظمة التداول، فضلاً عن حدوث تأخيرات في رحلات الطيران نتيجة تعطل شبكات الاتصال.
كل ذلك كشف مدى مركزية وارتباط شبكة سنترال رمسيس ببنية القطاعات الاقتصادية والمالية، وأن أي طارئ فيه ينعكس مباشرة على آلاف المؤسسات والمواطنين.
الأسباب والتعليقات الفنية
تشير التحقيقات الأولية إلى أن السبب الرئيسي للحريق في يوليو يعود لماس كهربائي داخل غرفة معدات الاتصالات، في ظل ارتفاع درجات الحرارة. وعقب السيطرة على الحريق، حذر خبراء الحماية المدنية من إمكانية تجدد الحرائق بسبب ترسبات الكربون وتلف الدوائر الإلكترونية، وخاصة مع وجود مواد قابلة للاشتعال مثل القطن والبلاستيك، وعدم التبريد العميق للموقع.
تجدد الشائعات ومخاوف المواطنين
تجددت الشائعات اليوم بشأن اندلاع حريق جديد، إلا أن المصادر الرسمية أكدت بوضوح أن السيناريو لم يتكرر، وأن جميع الأدخنة الظاهرة هي نتيجة أعمال الصيانة الدورية، فيما واصل فريق الصيانة تشطيبات وتجديدات بالمبنى. ومع ذلك، بقيت المخاوف قائمة بين المواطنين الذين يتخوفون من تكرار الانقطاع وفساد الخدمات الرقمية الضرورية.
دعوة للشفافية والتحقيق
في ظل هذه الأجواء، يناشد الخبراء بضرورة توزيع مراكز البيانات الرئيسية وتحديث أنظمة الإطفاء الذاتية، وعدم الاعتماد على نقطة مركزية واحدة للربط البيني، تجنبًا لتكرار كوارث شبيهة تؤثر على الاقتصاد الوطني والخدمات الحيوية.
كما طالبوا بتكثيف حملات التحقيق الفني في أسباب أي حادث وأكثر شفافية في إعلان النتائج لإعادة الثقة في إجراءات الأمان بالبنية التحتية الرقمية لمصر.
خاتمة
حريق سنترال رمسيس بالأمس واليوم ليس مجرد حادث عابر، بل رمز ودليل على هشاشة البنية الرقمية وعلاقتها المباشرة باستقرار حياة المواطنين واقتصاد الدولة. ما زالت مصر تبحث عن مخرج من سيناريوهات الشلل الرقمي الطارئة، وسط ضغط شعبي ورسمي لتحديث البنية التحتية وتبني حلول تكنولوجية أكثر أمانًا وتعقيدًا.










