قال مصدر قضائي، ومنظمة حقوقية، الساعات الأولى من فجر اليوم الثلاثاء، إن قضاة
تحقيق فرنسيين أصدروا مذكرات اعتقال بحق سبعة من كبار المسؤولين السابقين في سوريا، منهم الرئيس السابق بشار الأسد، بتهمة قصف مركز صحافي في حمص عام 2012. هذه الخطوة القضائية التاريخية تمثل أول مذكرات اعتقال دولية ضد رئيس دولة بتهمة استهداف الصحفيين، وتفتح الطريق أمام محاكمة مرتكبي جرائم الحرب السوريين في المحاكم الأوروبية.
وكانت حمص الواقعة في غرب سوريا معقلاً رئيسياً للمعارضة خلال الحرب الأهلية السورية، وحاصرتها قوات حكومة الأسد من 2011 إلى 2014، وانتهى الحصار بانسحاب المناهضين للأسد من المدينة. في هذا السياق، وقعت الجريمة الوحشية التي استهدفت الصحفيين الأجانب الذين كانوا يوثقون جرائم النظام السوري في المدينة المحاصرة.
تفاصيل مذكرات الاعتقال الفرنسية
السلطة القضائية المصدرة
أصدر قضاة التحقيق في وحدة الجرائم ضد الإنسانية بالمحكمة القضائية في باريس سبع مذكرات توقيف في أغسطس 2025، وأُعلن عنها يوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2025 من قبل الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان. هذه المذكرات تستند إلى القانون الفرنسي الذي يسمح بمحاكمة الجرائم ضد الإنسانية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.
الأشخاص المطلوبون للعدالة
1. بشار الأسد – الرئيس السوري السابق
بشار الأسد، الذي فر إلى روسيا مع عائلته في ديسمبر 2024 بعد سقوط نظامه، يواجه اتهامات التواطؤ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. هذه المذكرة الثالثة ضده من القضاء الفرنسي، حيث أصدرت المحاكم الفرنسية 21 مذكرة اعتقال ضد مسؤولين سوريين حتى الآن.
2. ماهر الأسد – القائد العسكري
شقيق بشار الأسد، الذي كان القائد الفعلي للفرقة الرابعة المدرعة السورية في 2012، ويُعتبر من أقوى الشخصيات في النظام السوري عسكرياً. الفرقة الرابعة كانت مسؤولة عن العمليات الوحشية في حمص.
3. علي مملوك – رئيس الاستخبارات السابق
المستشار الأمني لرئيس النظام ورئيس جهاز الاستخبارات العامة السوري السابق، الذي لعب دوراً محورياً في تنسيق العمليات الأمنية ضد المعارضة والصحفيين.
4. علي أيوب – رئيس أركان الجيش السابق
قائد أركان الجيش السوري من 2012 إلى 2017، وكان مسؤولاً عن العمليات العسكرية في حمص خلال فترة الحصار الوحشي.
5. رفيق شحادة – المسؤول الأمني في حمص
مسؤول أمني كبير في محافظة حمص خلال الأحداث، ولعب دوراً مباشراً في تنفيذ العمليات الأمنية التي استهدفت الصحفيين.
6. محمد ديب زيتون – مدير الأمن العام
مدير عام الأمن العام السابق، وكان جزءاً من الآلة الأمنية التي نفذت سياسة استهداف الإعلاميين الأجانب.
7. غسان بلال – ضابط أمني رفيع
ضابط أمني رفيع المستوى شارك في التخطيط والتنفيذ للهجمات على المراكز الصحفية.
مأساة حي بابا عمرو: 22 فبراير 2012
تفاصيل الهجوم المميت
في 22 فبراير 2012، تعرض مبنى في حي بابا عمرو بمدينة حمص، الذي كان يُستخدم كـمركز صحافي غير رسمي، لـقصف مدفعي مكثف من قبل قوات النظام السوري. تعرض المبنى لإطلاق النار أولاً، وعندما قرر الصحفيون المغادرة، قُتل أول اثنين منهم بـقذيفة هاون فور عبورهما الباب.
الضحايا: أبطال الصحافة الحربية
ماري كولفين – الأسطورة الأمريكية
ماري كولفين (56 عاماً)، المراسلة الحربية الأمريكية لصحيفة “صنداي تايمز” البريطانية، كانت من أشجع الصحفيين في العالم. اشتهرت بـعصابة العين السوداء المميزة التي وضعتها بعد فقدانها البصر في إحدى عينيها خلال تغطية الحرب الأهلية في سريلانكا. احتُفي بمسيرتها المهنية في فيلم “برايفت وار” (حرب خاصة).
ريمي أوشليك – المصور الشاب الموهوب
ريمي أوشليك (28 عاماً)، المصور الفوتوغرافي الفرنسي المستقل، كان مصوراً شاباً موهوباً جاء إلى سوريا لتوثيق معاناة الشعب السوري. استطاع خلال مسيرته القصيرة أن يلتقط صوراً مؤثرة من مناطق النزاع حول العالم.
المصابون في الهجوم
أصيب في الهجوم نفسه:
إديث بوفييه – المراسلة الفرنسية
بول كونروي – المصور البريطاني
وائل العمر – المترجم السوري
نتائج التحقيق الفرنسي: جريمة مقصودة
الاستهداف المتعمد للصحفيين
كشف التحقيق القضائي الفرنسي أن الهجوم على المركز الصحافي كان جزءاً من “نية النظام السوري الصريحة لاستهداف الصحفيين الأجانب بهدف الحد من التغطية الإعلامية لجرائمه وإجبارهم على مغادرة المدينة والبلاد”، كما أوضح مازن درويش، محامي ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير.
الأدلة والوثائق
جمعت المنظمات الحقوقية مئات الأدلة الوثائقية وعشرات الشهادات من:
ضحايا وذويهم
شهود على الهجمات
شهادات خبراء
أدلة رقمية من برنامج الأرشيف السوري
تتبع موقع الصحفيين
أثبت التحقيق أن قوات النظام السوري قامت بـتتبع موقع الصحفيين عبر إشارات الهاتف الفضائي، مما يؤكد الطبيعة المقصودة والمخططة للهجوم.
السياق القانوني والتطبيق العملي
الولاية القضائية العالمية الفرنسية
القانون الفرنسي يسمح بـمحاكمة جرائم ضد الإنسانية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، مما يعني أن المحاكم الفرنسية يمكنها محاكمة مجرمي الحرب بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة أو جنسية المتهم.
مذكرات الاعتقال الدولية
تم إصدار مذكرات الاعتقال على المستويين الأوروبي والدولي عبر الإنتربول واليوروبول، مما يعني أن المطلوبين سيواجهون الاعتقال الفوري في أي دولة عضو في هذه المنظمات.
المنظمات الحقوقية الداعمة
الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان (FIDH)
المنظمة الباريسية لعبت دوراً محورياً في تقديم الشكوى والتمثيل القانوني. المحامية كليمنس بيكتارت أكدت أن “إصدار مذكرات التوقيف السبع خطوة حاسمة تمهد الطريق لإجراء محاكمة في فرنسا على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”










