في مشهد لافت ومثير للجدل، رصدت العدسات الصحفية طقوساً أمنية غريبة قام بها فريق حماية الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عقب لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بكين، حيث قام المساعدون بمسح وتنظيف كل شيء لمسه الزعيم، بما في ذلك أخذ الكأس الذي شرب منه ومسح الكرسي والطاولة بعناية فائقة.
كواليس اللقاء التاريخي الثلاثي في بكين
جاء هذا اللقاء على هامش العرض العسكري الضخم الذي نظمته الصين بمناسبة الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، والذي شهد للمرة الأولى ظهور الزعماء الثلاثة – الرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون – مجتمعين في مكان واحد منذ بداية الحرب الباردة.
أقيم العرض العسكري في ميدان تيانانمن بحضور 26 قائداً وزعيماً عالمياً، حيث استعرضت الصين أحدث أسلحتها النووية ومقاتلاتها الحربية المتطورة وصواريخها البالستية العابرة للقارات، في رسالة واضحة للغرب حول قوتها العسكرية المتنامية.
مشاهد التنظيف الغريبة تثير التساؤلات
وثق الصحفي الروسي ألكسندر يوناشيف من قناة “يوناشيف لايف” المشاهد المثيرة للجدل في مقطع فيديو نشره على منصة تيليغرام، يُظهر موظفَين من الطاقم المرافق لكيم جونغ أون وهما يقومان بتنظيف دقيق لكل ما لمسه الزعيم الكوري الشمالي.
في الفيديو، يمكن مشاهدة العاملين وهم يُلمعان بقلق شديد مسند ظهر الكرسي الذي جلس عليه كيم، ثم يُزيلان الكأس الذي شرب منه على صينية، بينما يحرص أحدهما على مسح مساند المقعد الخشبية وحتى الطاولة المجاورة له بعناية فائقة.
شهادة صحفية على الطقوس الأمنية المعقدة
قال الصحفي يوناشيف في تعليقه على المشاهد: “بعد المفاوضات، قام الموظفون المرافقون لرئيس جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بتنظيف جميع آثار وجود كيم بعناية فائقة. أُزيلت الكأس التي شرب منها، ومسحوا تنجيد الكرسي وأجزاء الأثاث التي لمسها زعيم كوريا الشمالية”.
وأضاف يوناشيف: “انتهى الجزء الرسمي من الاجتماع، وغادر بوتين وكيم المكتب راضيين للغاية، وذهبا لشرب الشاي في جو أكثر استرخاءً”، مشيراً إلى أن هذه الطقوس الأمنية لم تؤثر على الأجواء الودية للقاء.
تفسيرات الخبراء: بين الأمن والحمض النووي
لم يتضح السبب الدقيق وراء قيام فريق كيم بهذا التنظيف الشامل، لكن ليس من الواضح ما إذا كان كيم قد أمر بالتطهير خوفاً من أجهزة بوتين السرية أم من الصينيين. ومع ذلك، فإن زعيم بيونغ يانغ ليس الزعيم العالمي الوحيد الذي يشعر بالقلق بشأن حماية حمضه النووي.
أشار بعض خبراء علم الوراثة إلى إمكانية استخدام الحمض النووي المتروك على الأسطح لجمع معلومات حساسة عن صحة القادة، مما يفسر هذه الإجراءات الاحترازية المشددة. هذا النوع من المخاوف ليس جديداً في عالم الأمن الدولي، حيث يمكن للمخابرات استغلال أي عينات بيولوجية لتحليل الحالة الصحية للقادة.
طقوس بوتين المماثلة في السفر
بشكل مثير للاهتمام، كشفت التقارير أن الرئيس الروسي بوتين يتبع طقوساً أمنية مماثلة، حيث يُقال إن حراسه الشخصيين يجمعون بوله وبرازه في أكياس مغلقة أثناء وجوده في الخارج، ويسلمونها في حقائب خاصة إلى موسكو.
يُعتقد أن جهاز الحماية الفيدرالي التابع لبوتين يُجري هذه الطقوس منذ عام 2017 لمنع القادة المعادين من الحصول على معلومات استخباراتية حول صحته من خلال التحليل البيولوجي.
محاور اللقاء السياسية والعسكرية
خلال محادثاتهما في بكين، تعهد زعيم كوريا الشمالية بدعمه الكامل لبوتين، واعداً ببذل “كل ما في وسعه لمساعدة” موسكو، بينما شكر الرئيس الروسي بيونغ يانغ على إرسال قوات للقتال ضد أوكرانيا.
تعتقد كوريا الجنوبية أن كيم أرسل نحو 15 ألف جندي لدعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا، وتتفاوت تقديرات عدد الجنود الكوريين الشماليين القتلى، حيث تتراوح بين 600 و2000 جندي. كما وعد كيم عائلات “الشهداء” الذين سقطوا وهم يقاتلون لصالح روسيا بـ”حياة جميلة”.
التحالف الآسيوي الجديد والتحديات الغربية
يمثل هذا اللقاء الثلاثي بين زعماء الصين وروسيا وكوريا الشمالية تحدياً مباشراً للنظام العالمي القائم، حيث تسعى هذه القوى لبناء نظام عالمي جديد مناهض للنفوذ الغربي. خلال العرض العسكري، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ على أن “لا يمكن إيقاف الصين في عالم متغير”.
أثار هذا التجمع ردود فعل قوية من الغرب، حيث اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الزعماء الثلاثة بـ”التآمر ضد الولايات المتحدة”، قائلاً: “أرجو منكم إبلاغ أطيب تحياتي لفلاديمير بوتين وكيم جونغ أون بينما تتآمرون ضد الولايات المتحدة”.
من جانبها، وصفت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس هذا التجمع بأنه يمثل “تحالفاً استبدادياً” يهدد الاستقرار العالمي.
أهمية اللقاء في السياق الجيوسياسي
يُعد حضور كيم جونغ أون في بكين رحلته الخارجية الحادية عشرة منذ توليه السلطة في 2011، والرابعة إلى الصين، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية المتزايدة للعلاقات مع الصين وروسيا بالنسبة لكوريا الشمالية.
أظهرت الزيارة، التي رافقته فيها ابنته كيم جو آي وشقيقته كيم يو جونغ، مدى أهمية العلاقات الثنائية مع الصين وروسيا، ورغبة بيونغ يانغ في تعزيز موقفها في مواجهة الضغوط الغربية.
ردود الأفعال الشعبية والإعلامية
أثارت مشاهد التنظيف الغريبة ردود فعل واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث علق المستخدمون بسخرية وجدية على هذه الطقوس الأمنية. علق أحدهم قائلاً: “الاحتياط واجب، يمكن ترك شوية نووي وراه”، بينما رأى آخر أن “التصرف طبيعي لأن كل أجهزة المخابرات تستغل هذه الاجتماعات لجمع معلومات لا يتم التصريح عنها”.










