يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التزامه بالوساطة لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا، رغم الشكوك المتزايدة حول إمكانية عقد لقاء مباشر بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وذلك في ظل تحديات دبلوماسية معقدة تفاقمت مع العرض العسكري الصيني الضخم الذي حضره قادة محور مناهض للنفوذ الأمريكي.
موقف ترامب: التفاؤل الحذر والضغط المستمر
أكد ترامب في مقابلة هاتفية مع شبكة CBS News أنه “واقعي ومتفائل” حيال التوصل إلى تسوية، مشيراً إلى أنه يراقب عن كثب كيفية تعامل الرئيسين مع “المنعطف الحاسم في المفاوضات”. وصرح ترامب قائلاً: “أنا أراقب الأمر، وأشاهده، وأتحدث مع الرئيس بوتين والرئيس زيلينسكي، شيء ما سيحدث، ولكنهما ليسا مستعدين بعد، ولكن شيئاً ما سيحدث، سنقوم بالأمر”.
رغم تصريحاته المتفائلة، اعترف ترامب بصعوبة المهمة أكثر مما توقع، قائلاً: “أعتقد أننا سنسوي هذه الأمور كلها. بصراحة، (حرب) روسيا، كنت أعتقد أنها ستكون الأسهل مقارنة بكل (الحروب) الأخرى التي أوقفتها، ولكن يبدو أن هناك أمراً ما أصعب من بعض الأمور الأخرى هنا”.
العرض العسكري الصيني: تحدٍ جديد للدبلوماسية الأمريكية
شهد يوم الأربعاء عرضاً عسكرياً ضخماً في بكين بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، حضره الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى جانب بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. هذا التجمع الثلاثي أثار غضب ترامب الذي اتهم الزعماء الثلاثة بـ”التآمر ضد الولايات المتحدة”.
كتب ترامب على منصة “تروث سوشال”: “أرجو منكم إبلاغ أطيب تحياتي لفلاديمير بوتين وكيم جونغ أون بينما تتآمرون ضد الولايات المتحدة”. وأضاف لاحقاً أن الزعماء الثلاثة كانوا “يأملون أنني كنت أشاهد، وأنا كنت أشاهد العرض بالفعل”.
موقف بوتين: الانفتاح المشروط والتشكيك في الجدوى
من جانبه، أعرب بوتين عن استعداده للقاء زيلينسكي، لكنه وضع شروطاً صعبة ودعا الرئيس الأوكراني لزيارة موسكو. قال بوتين: “قلت لترمب إنني مستعد للقاء زيلينسكي، وإذا كان مستعدا فليأت إلى موسكو”.
رغم ذلك، شكك الزعيم الروسي في جدوى مثل هذا اللقاء، مشيراً إلى أن “صلاحيات زيلينسكي قد انتهت، واللقاء معه في ظل هذه الظروف لن يثمر نتائج حقيقية”. وأكد بوتين أن أي اجتماع يتطلب “تحضيرات مسبقة لتحقيق نتائج”.
شروط السلام الروسية والمواقف الأوكرانية
حدد بوتين شروطه للسلام، مؤكداً أن روسيا لن تتخلى عن منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، وجدد مطالبته بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. كما هدد بمواصلة القتال إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مقبول، قائلاً: “إذا لم ننجح في التوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا، فسوف نحقق أهدافنا بالوسائل العسكرية”.
في المقابل، رفضت الخارجية الأوكرانية عرض اللقاء في موسكو ووصفته بأنه “غير مقبول مسبقاً”. وقال نائب وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيغا إن “بوتين يواصل تقديم عروض تهدف إلى خداع المجتمع الدولي”.
التحركات الدبلوماسية الأوروبية
تستعد فرنسا لاستضافة اجتماع افتراضي يضم نحو 30 دولة لمناقشة الضمانات الأمنية لأوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق سلام. أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “العمل على إعداد الضمانات الأمنية لأوكرانيا قد اكتمل”، مؤكداً أن الدول الأوروبية جاهزة لتقديم هذه الضمانات بمجرد التوصل إلى اتفاق سلام.
ردود الفعل الدولية والتحديات المقبلة
علقت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس على العرض العسكري الصيني، معتبرة أن مشاركة بوتين وكيم جونغ أون تمثل “تحدياً مباشراً للنظام الدولي القائم على القواعد”. وأضافت أن “نظاماً عالمياً جديداً يتشكل”.
من جانبها، نفت وزارة الخارجية الصينية استهداف أي طرف ثالث بتطوير علاقاتها الدبلوماسية، رداً على اتهامات ترامب. وأكد المتحدث باسم الخارجية الصينية أن “الصين مستعدة للعمل مع كوريا الشمالية لتعزيز العلاقات الاستراتيجية.










