تصدرت النائبة اللبنانية بولا يعقوبيان مشهد الجدل السياسي والطائفي في لبنان والمنطقة، إثر تصريحات مثيرة للجدل أطلقتها في حوار إعلامي مع الصحافي وليد عبود، وصفت فيها عقيدة حزب الله بـ”القاتلة”، مؤكدة أنها تشكل خطراً أكبر من السلاح نفسه.
تصريحات صادمة تثير عاصفة من الردود
في تصريح لافت، قالت يعقوبيان إن “العقيدة عند الشيعة أخطر من السلاح وقاتلة ومجرد وجودها مشكلة”، مضيفة أنها “حذّرت لسنوات من خطورة هذه العقيدة وغسل دماغ الناس”. وتابعت النائبة اللبنانية: “السلاح يصدأ لكن الإيديولوجيا قاتلة”، منتقدة الأحزاب اللبنانية لتركيزها على السلاح دون التطرق إلى ما اعتبرته “المشكلة الأهم”.
هذه التصريحات أثارت موجة عارمة من ردود الفعل الغاضبة في الأوساط الشيعية والإسلامية، حيث اعتبر كثيرون أن يعقوبيان تجاوزت الخطوط الحمراء بمسّها بالعقيدة الدينية لطائفة بأكملها، وليس فقط بحزب سياسي معين.
موقف سياسي شامل ضد الأحزاب الدينية
لم تكتف بولا يعقوبيان بانتقاد حزب الله، بل وسّعت موقفها ليشمل رفضاً مطلقاً للأحزاب الدينية في لبنان، معتبرة أن وجودها يتعارض مع مفهوم الدولة المدنية التي تدعو إليها منذ سنوات.
وفي سياق متصل، رحبت النائبة اللبنانية بـ“الضغط الخارجي” الذي يُمارس على لبنان، مبررة ذلك بقولها: “هذا التدخل الخارجي يساعدني على بناء دولة ومؤسسات”، مضيفة أن “مصلحتنا متقاطعة مع مصلحة الخارج خصوصاً في نزع السلاح”.
انتقادات واسعة ومواقف متباينة
واجهت تصريحات بولا يعقوبيان انتقادات حادة من شخصيات سياسية ودينية متنوعة، حيث اعتبر البعض أن كلامها يخدم مشاريع خارجية على حساب الوحدة الوطنية اللبنانية. فيما دافع آخرون عن حقها في التعبير عن آرائها السياسية، مميزين بين نقد الأحزاب السياسية والمساس بالعقائد الدينية.
من جهة أخرى، ربط معلقون مواقف يعقوبيان بما قالوا إنه تمويل خارجي تتلقاه من جمعيات مرتبطة بشخصيات دولية، في إشارة إلى الملياردير جورج سوروس، وهو ما يثير تساؤلات حول استقلالية مواقفها السياسية.
السياق السياسي اللبناني المعقد
تأتي هذه التصريحات في ظل أزمة سياسية معقدة يشهدها لبنان، حيث يواجه البلد تحديات جمة على صعيد تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية، بالإضافة إلى تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل والالتزام بالقرار الأممي 1701.
في هذا السياق، تؤكد يعقوبيان دعمها للرئيس نواف سلام، واصفة إياه بـ“الرجل الصلب”، مشددة على ضرورة تشكيل حكومة إصلاحية بعيداً عن “المحاصصة الطائفية” التي تهيمن على النظام السياسي اللبناني منذ عقود.
من هي بولا يعقوبيان؟
بولا يعقوبيان (مواليد 4 أبريل 1976) هي إعلامية وناشطة سياسية لبنانية من أصول أرمنية، انتُخبت نائبة في البرلمان اللبناني عام 2018 عن دائرة بيروت الأولى ضمن لائحة “كلنا وطني”.
بدأت مسيرتها الإعلامية في سن السابعة عشرة، وعملت في عدة محطات تلفزيونية لبنانية، من بينها LBCI وتلفزيون المستقبل، حيث قدمت برامج سياسية مؤثرة واستضافت شخصيات عالمية بارزة.
تُعرف يعقوبيان بمواقفها المؤيدة للدولة المدنية ومعارضتها الشديدة للنظام الطائفي في لبنان، كما تنشط في مجال حماية البيئة وحقوق المرأة، وهي عضو في عدة لجان برلمانية منها لجنة الإدارة والعدل ولجنة الإعلام والاتصالات.
تداعيات على الساحة اللبنانية
تأتي هذه التصريحات في توقيت حساس، حيث يحاول لبنان التعافي من تداعيات الحرب الأخيرة مع إسرائيل والخروج من أزمته السياسية والاقتصادية الطاحنة. ويخشى مراقبون أن تؤدي مثل هذه التصريحات إلى تعميق الانقسامات الطائفية في بلد يعاني أصلاً من هشاشة في النسيج الاجتماعي.
من ناحية أخرى، يرى مؤيدو يعقوبيان أن صراحتها في طرح القضايا الحساسة ضرورية لإجراء نقاش جدي حول مستقبل لبنان والخروج من دوامة الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.
ردود فعل متنوعة على وسائل التواصل
شهدت وسائل التواصل الاجتماعي جدلاً واسعاً حول تصريحات النائبة اللبنانية، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض. فبينما اعتبر البعض أن كلامها يعبر عن موقف سياسي مشروع من حزب مسلح، رأى آخرون أنها تجاوزت الحدود بالمساس بعقيدة دينية لملايين المؤمنين.
وفي هذا الإطار، علق الناشط خضر عثمان قائلاً: “عقيدة الشيعة أخطر بكثير من السلاح”، في إشارة إلى قوة تأثير المعتقدات على سلوك الأفراد والجماعات، مؤكداً أن “العقيدة لا تصدأ بينما السلاح يمكن أن يصدأ”.










