طالبت النائبة الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي، الحكومة المصرية بوضع خطة واضحة لتوسيع تغطية التأمين الصحي بحيث يشمل جميع تكاليف الطوارئ في مستشفيات مصر دون استثناء. جاء ذلك من خلال سؤال برلماني موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، أعقب بيان وزارة الصحة الأخير بشأن مجانية علاج الطوارئ.
خلفية السؤال البرلماني وواقعة الأباصيري
استهلت النائبة سؤالها بالتأكيد على أن الدستور المصري نص في مادته الثامنة عشرة على أن لكل مواطن الحق في الصحة والرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وأن الدولة ملزمة بالحفاظ على مرافق الخدمات الصحية ودعمها.
وأشارت إلى قرار مجلس الوزراء رقم 1063 لسنة 2014 الذي ألزم جميع المستشفيات الحكومية والخاصة بتقديم العلاج المجاني في حالات الطوارئ خلال 48 ساعة من دخول المريض.
استشهدت النائبة بواقعة وفاة الإعلامية عبير الأباصيري كمثال صارخ على الأزمة، حيث وصفتها بأنها “مريضة في حالة خطيرة تحتاج إلى تدخل عاجل وطارئ، مستشفيات مترددة تتعامل بمنطق الفاتورة أولاً، ووزارة صحة تؤكد في الإعلام أن العلاج مجاني لكن دون أن تضع آلية تنفيذية سريعة وفعالة”.
بيان وزارة الصحة والتأكيد على المجانية
في السياق ذاته، أصدر الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، بياناً أكد فيه حق كل مواطن في العلاج الفوري والمجاني في حالات الطوارئ دون أي شرط أو عائق مالي.
وشدد الوزير على أن أي مستشفى خاص يطلب من المريض مقابلاً مادياً للعلاج الطارئ سيتعرض للغلق الفوري والإحالة للتحقيق.
حدد الوزير الحالات الطارئة بأنها “كل حالة طبية حادة تشكل تهديداً فورياً لحياة الإنسان أو أحد أعضائه أو وظائفه الجسدية”، وتشمل توقف عضلة القلب أو التنفس، والنزيف الحاد غير المسيطر عليه، الجلطات الدماغية والقلبية،وحوادث السيارات والحروق الشديدة، والتسمم الحاد وفقدان الوعي.
التحديات في التطبيق والثغرات الموجودة
رغم وضوح النصوص القانونية، أشارت النائبة عبد الناصر إلى أن الواقع اليومي للمصريين يكشف عن مأساة مختلفة، حيث تتذرع المستشفيات الخاصة بعدم وجود آلية واضحة أو سريعة لتعويضها عن تكاليف العلاج، فترفض استقبال المرضى إلا بعد سداد مقدم مالي أو توقيع شيكات ضمان.
أكدت البرلمانية أن تكلفة علاج مريض الطوارئ في مصر قد تصل إلى آلاف الجنيهات للزيارة الواحدة، مطالبة بتحمل الدولة للتكلفة عبر التأمين الصحي ونفقة الدولة، وسدادها بسرعة وشفافية حتى لا يُترك المريض رهينة تفاوض مالي على باب المستشفى.
الأسئلة المحورية المطروحة للحكومة
طرحت النائبة عدة أسئلة جوهرية على الحكومة تشمل:
آليات التمويل والسداد
مَن يتحمل القيمة الفعلية لمصاريف علاج حالات الطوارئ خلال أول 48 ساعة؟
ما الآليات المالية والإدارية التي أعدتها الوزارة لضمان سداد فواتير علاج الطوارئ للمستشفيات الخاصة في الوقت المناسب؟
هل هناك موازنة مخصصة لهذا الغرض أم تظل مجرد وعود غير قابلة للتنفيذ السريع؟
آليات الرقابة والضمان
كيف تضمن الوزارة أن المواطن لن يتحول إلى ضحية لمساومة مالية وهو في حالة طوارئ؟
هل هناك رقابة مباشرة على مداخل المستشفيات لمنع اشتراط أي مبالغ أو ضمانات؟
كم عدد المستشفيات التي أُغلقت فعلياً أو أُحيلت للتحقيق منذ 2014؟
التأمين الصحي الشامل والتوسع المطلوب
طالبت النائبة بإيضاح دور التأمين الصحي الشامل في هذه المنظومة، وما إذا كان لدى الحكومة خطة واضحة لتوسيع تغطية التأمين بحيث يشمل فوراً ودون استثناء جميع تكاليف الطوارئ في أي مستشفى داخل مصر.
وضع التأمين الصحي الشامل الحالي
تُكثف مصر جهود تغطية منظومة التأمين الصحي الشامل في البلاد، عبر التوسع في الخدمات الطبية المقدمة. وقد أطلق الرئيس السيسي في يوليو 2019 إشارة بدء التشغيل التجريبي للمنظومة من محافظة بورسعيد، وضمت المرحلة الأولى 6 محافظات هي بورسعيد والأقصر والإسماعيلية وجنوب سيناء وأسوان والسويس.
وفق قانون التأمين الصحي الشامل رقم 2 لسنة 2018، تسري أحكامه إلزامياً على جميع المواطنين المقيمين داخل مصر، واختيارياً على المصريين العاملين بالخارج. ويهدف النظام إلى توفير رعاية صحية آمنة وذات جودة عالية للمواطنين، خاصة في محافظات القناة.
ردود الفعل والانتقادات
تعرض بيان وزارة الصحة لانتقادات من متابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي قالوا إن “مجانية العلاج في أقسام الطوارئ غير مفعلة تماماً خصوصاً المستشفيات الخاصة”، وانتقدوا أسلوب العلاج وعدم التعامل السريع مع الحالات الحرجة.
كما انتقدت نقابة الأطباء قرار وزارة الصحة الأخير، واصفة إياه بـ”غير المنطقي”، لا سيما فيما يتعلق بإجبار المستشفيات الخاصة على تقديم خدمات مجانية لبعض الحالات دون ضمان آلية سداد واضحة.










