في أجواء حماسية شهدها الملعب الأولمبي “حمادي العقربي” برادس، أبدع المنتخب التونسي وأثبت جدارته بالفوز على نظيره الليبيري بنتيجة 3-0 مساء الخميس 4 سبتمبر 2025، ضمن منافسات الجولة السابعة لتصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2026. المباراة حملت طابعاً مميزاً من البداية إلى النهاية، وسط حضور جماهيري كبير أعاد للأذهان ليالي الانتصارات التونسية التاريخية، وأكد من جديد أن نسور قرطاج يسيرون بثبات نحو تحقيق حلم التأهل العالمي.
بداية قوية وحسم سريع
دخل لاعبو المنتخب التونسي المواجهة بعزيمة قوية وتركيز شديد، حريصين على استثمار عامل الأرض والجمهور. ولم تمض سوى خمس دقائق فقط حتى نجح حازم مستوري في افتتاح التسجيل بعد خطأ دفاعي من ليبيريا، حيث رفع الكرة بمهارة فوق الحارس الليبيري، ليشعل المدرجات باحتفالات الفرح والثقة. الهدف المبكر أعطى تونس دفعة معنوية كبيرة، وأربك حسابات المنافس الذي حاول إعادة تنظيم صفوفه وامتصاص ضغط أصحاب الأرض.
استمر نسور قرطاج في فرض سيطرتهم على منتصف ملعب اللقاء، وسعى لاعب الوسط حنبعل المجبري لصناعة الفرص وتوزيع الكرات نحو الأطراف، لكن التنظيم الدفاعي لليبيريا حال دون مضاعفة النتيجة خلال الشوط الأول، الذي انتهى بتقدم تونس بهدف نظيف.
شوط التحديات وتكتيك الطرابلسي
في الشوط الثاني، كثّف المنتخب الليبيري من هجماته في رغبة واضحة لتحقيق التعادل، إلا أن الدفاع التونسي بقيادة مرتضى بن وناس وحارس المرمى أيمن دحمان تصدوا لهجمات الخصم بخبرة كبيرة. ومع حلول الدقيقة 66، جاء الدور على فرجاني ساسي ليؤكد علو كعب نسور قرطاج، حيث سجل الهدف الثاني برأسية قوية إثر عرضية رائعة من حنبعل المجبري، ليؤمن تقدم المنتخب ويمنح الجماهير مزيداً من الطمأنينة والثقة.
أظهر المدرب سامي الطرابلسي براعة تكتيكية لافتة من خلال تبديلاته المدروسة، حيث دفع بلاعبين أصحاب سرعة وقوة في الهجوم، ما أثمر عن تعزيز النشاط الهجومي وأحبط محاولات ليبيريا للعودة في النتيجة.
هدف الختام واحتفالات التأهل
استمرت الأفضلية التونسية حتى الرمق الأخير من اللقاء، وفي الدقيقة 90+4 حسم إلياس سعد الأمور تماماً بعد انفراده بالحارس الليبيري، ليضع الكرة في الشباك ويكتب النهاية السعيدة للمنتخب التونسي بثلاثية دون رد. المشهد في المدرجات كان مميزاً: هتافات، أهازيج، وأعلام تونس ترفرف وسط فرحة الهيستيرية بعد إعلان الحكم صافرة النهاية.
هذا الانتصار رفع رصيد تونس إلى 19 نقطة في صدارة المجموعة الثامنة، بفارق 7 نقاط عن أقرب المنافسين وهو منتخب ناميبيا الذي يملك مباراة مؤجلة. وبهذا يكون منتخب تونس على بعد خطوة واحدة من حسم بطاقة التأهل للمونديال رسمياً، وهو الحلم الذي ينتظره الجمهور التونسي بشغف بعد سلسلة من الإنجازات المشرفة في التصفيات.
فرض التألق وتأكيد الهوية
المنتخب التونسي لم يكتفِ بالفوز الرقمي، بل قدم أداءً تكتيكياً وذهنياً عالياً أكد من خلاله أن الكرة التونسية تملك من الخبرة والثقة ما يؤهلها للمنافسة على الساحة الدولية. وكان لفرجاني ساسي وحازم مستوري وحنبعل المجبري دور محوري في صناعة الانتصار، إلى جانب حارس المرمى والدفاع المتوازن الذين حافظوا على نظافة الشباك في مباراة مصيرية.
إشادة جماهيرية وحضور إعلامي
حظي لاعبو تونس بإشادة واسعة من الإعلاميين والجماهير، الذين اعتبروا أن هذا الفوز يرسخ ثقافة الانتصار ويعيد الروح للكرة التونسية. ومنحت الصحافة المحلية المدرب الطرابلسي لقب “مهندس التفوق”، في إشارة إلى نجاحه في توظيف عناصر الفريق وتقديم أداء قوي رغم ضغط المباريات وتوالي المنافسين الأقوياء.
نظرة إلى المستقبل
يستعد منتخب تونس لخوض الجولتين الأخيرتين من التصفيات أمام مالاوي وغينيا الاستوائية، إذ يكفيه انتصار واحد فقط لإعلان التأهل الرسمي إلى مونديال أميركا وكندا والمكسيك 2026. ويراهن الشارع الرياضي على استمرار الانضباط التكتيكي والروح القتالية للاعبين من أجل إنهاء التصفيات بلا خسارة، ودخول كأس العالم بطموحات عالية.
في النهاية، أثبتت مباراة تونس وليبيريا أن نسور قرطاج يمتلكون كل المقومات لتكرار الإنجاز، وأن حلم الجماهير بات أقرب من أي وقت مضى. ليلة رادس كانت ليلة تونسية خالصة… عنوانها كرة القدم الصافية وانتصار يُعيد للأمة العربية الثقة في إمكانياتها الكروية.










