وجّه زعيم حزب الإصلاح البريطاني نايجل فاراج ضربة مباغتة لجماعة الإخوان المسلمين، عندما أعلن خلال المؤتمر السنوي للحزب في برمنغهام يوم الجمعة 5 سبتمبر 2025، تعهده بحظر الجماعة باعتبارها “منظمة إرهابية” إذا تم انتخابه رئيسًا للوزراء في الانتخابات المقبلة.
جاء هذا الإعلان في توقيت حساس، حيث يتصدر حزب الإصلاح استطلاعات الرأي بفارق 10 نقاط على حزب العمال الحاكم بنسبة 31% مقابل 21%، ما يمنح فاراج إمكانية الحصول على أغلبية 107 مقعد في حال إجراء انتخابات مبكرة. هذا التطور يضع جماعة الإخوان أمام تهديد حقيقي في أحد أهم معاقلها الدولية، حيث تتمركز العديد من فروع التنظيم وقياداته في المملكة المتحدة.
خطاب فاراج: تصعيد غير مسبوق ضد الإخوان
خلال كلمته الافتتاحية أمام أكثر من 10,000 حضور في مركز المعارض الوطني ببرمنغهام، قال فاراج:
“سنوقف المنظمات الخطيرة المرتبطة بالإرهاب التي تعمل في بلدنا، ولا أعلم لماذا كنا جبناء للغاية في هذا الشأن، سواء من المحافظين أو من حزب العمال. في جميع أنحاء الشرق الأوسط، حظرت الدول وحظرت جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة خطيرة. سنفعل نفس الشيء”.
هذا التصريح يمثل تصعيدًا دراماتيكيًا في الخطاب السياسي البريطاني تجاه الإخوان، خاصة وأن فاراج ربط الجماعة مباشرة بـ“الإرهاب” واتهم الأحزاب التقليدية بـ”الجبن” في مواجهتها.
السياق السياسي: حزب الإصلاح في صعود
يأتي تعهد فاراج في ظل نمو هائل لحزب الإصلاح، حيث ارتفعت عضوية الحزب إلى حوالي 240,000 عضو، مع انضمام عشرة نواب سابقين من حزب المحافظين إلى صفوفه. وبرغم أن الحزب لا يملك سوى 4 مقاعد في البرلمان البريطاني المكون من 650 مقعدًا، إلا أنه بات يمارس ضغوطًا متزايدة على رئيس الوزراء كير ستارمر.
المؤتمر السنوي الذي عُقد تحت شعار “الخطوة التالية” شهد حضورًا قياسيًا وبيع جميع التذاكر، مما يعكس الزخم المتنامي للحزب. كما تعهد فاراج بـ“الاستعداد لتشكيل حكومة”، مؤكدًا أن الحزبين الرئيسيين في البلاد “في حالة انهيار” وأن حزبه وحده القادر على “جعل بريطانيا عظيمة مرة أخرى”.
الخلفية التاريخية: محاولات سابقة لحظر الإخوان
هذا ليس أول تحرك بريطاني ضد جماعة الإخوان. في 2014، كلفت الحكومة الائتلافية بقيادة ديفيد كاميرون جون جينكينز، السفير البريطاني السابق في السعودية، بإجراء مراجعة شاملة للجماعة. خلصت المراجعة إلى أن الإخوان كانت بمثابة “طقوس عبور للمتطرفين العنيفين”.
في 2015، أكدت مراجعة حكومية أن العضوية في جماعة الإخوان أو الارتباط بها يُعد “مؤشرًا محتملًا على التطرف”، لكنها لم توص بحظر الجماعة في المملكة المتحدة. وقال رئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون إن الحركة كانت “غامضة عمدًا وسرية بشكل معتاد” وتصور “المجتمعات الغربية والمسلمين الليبراليين على أنهم فاسدون وغير أخلاقيين”.
ووفقًا لتقارير، فإن دولة الإمارات كانت قد ضغطت على الحكومة البريطانية لاتخاذ إجراءات ضد الإخوان مقابل عقود أسلحة ونفط مربحة.
الإخوان في بريطانيا: شبكة معقدة من المنظمات
تشير تقارير استخباراتية إلى وجود شبكة معقدة من المنظمات المرتبطة بالإخوان في بريطانيا. في يناير 2025، أصدرت دولة الإمارات بيانًا يحدد 11 فردًا و8 منظمات مقرها المملكة المتحدة تزعم أنها تنتمي إلى جماعة الإخوان.
وبحسب تحليل مركز مكافحة التطرف، فإن هذه المنظمات تحمل “أسماءً بريئة” لا تثير الشكوك التنظيمية، مما يوفر نافذة نادرة على “هيكل وتنظيم ونشاط” الإخوان في بريطانيا والدول الغربية الأخرى.
التحديات القانونية والسياسية
سيواجه أي قرار بحظر جماعة الإخوان تحديات قانونية وسياسية معقدة. وفقًا لقانون الإرهاب لعام 2000، يجب على وزير الداخلية أن يثبت أن المنظمة “معنية بالإرهاب” وأن الحظر “متناسب”.










