انسحب من جلسة مجلس الوزراء اللبناني بشأن “حصر السلاح” بيد الدولة، الجمعة، وزراء الثنائي الشيعي الأربعة، بالإضافة إلى فادي مكي، وهو الوزير الشيعي الخامس، في خطوة تمثل أخطر أزمة سياسية تواجه الحكومة اللبنانية الجديدة منذ تشكيلها.
تفاصيل الانسحاب الدراماتيكي
وقبل انسحاب الوزراء دخل قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل للمشاركة بجلسة مجلس الوزراء مع مجموعة من الضباط لعرض خطة حصر السلاح بيد الدولة.
وغادر كل من وزير العمل محمد حيدر، ووزير الصحة راكان ناصر الدين (وزيرا جماعة حزب الله)، ووزير المالية ياسين جابر، ووزيرة البيئة تمارا الزين (من حركة أمل)، بالإضافة إلى وزير التنمية الإدارية فادي مكي.
بدايةً توجه الوزراء إلى قاعة جانبية، دون أن يعني ذلك الانسحاب الكامل، لكنهم انسحبوا نهائياً عندما أصر المجلس على مناقشة خطة الجيش لحصر السلاح.
السياق السياسي للأزمة
سبق الجلسة اجتماع بين الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام بحثا في المستجدات.
وكان سبق الجلسة اتصالات سياسية أدت إلى إضافة بنود على جدول أعمال الجلسة كي لا يكون على جدول الأعمال بند وحيد هو حصرية السلاح الأمر الذي يرفضه ثنائي “حزب الله” و”حركة أمل”.
من المقرر أن يبحث المجلس 4 بنود ذات طابع مالي وبيئي، إضافة إلى عرض خطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة، في محاولة لتخفيف حدة التوتر السياسي.
ردود الفعل الشعبية المسبقة
شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت، ليل الخميس، مسيرات بالدراجات النارية احتجاجاً على قرار الحكومة بحصرية السلاح بيد الدولة. وتجمّع مئات المحتجين على دراجات نارية في منطقة المشرفية، رافعين أعلام الحزب والحركة.
وفي جنوب البلاد، خرجت مسيرات مماثلة في مدينتي النبطية وصور، عبر سيارات ودراجات نارية، احتجاجاً على الخطوة الحكومية ذاتها. كما شهدت مدينتا بعلبك والهرمل في شرق البلاد تحركات مماثلة.
موقف حزب الله الرافض
جدّد حزب الله رفضه قرار الحكومة، ودعت كتلته البرلمانية في بيان، السلطات إلى أن “تتراجع عن قرارها غير الميثاقي وغير الوطني في موضوع سلاح المقاومة وتمتنع عن الخطط المزمع تمريرها بهذا الصدد”.
وقال الحزب إن الحكومة ارتكبت “خطيئة كبرى في اتخاذ قرار يجرد لبنان من السلاح”، مؤكداً أنه سيتعامل مع القرار كأنه غير موجود.
خطة الجيش غير المكتملة
أكدت وسائل إعلام لبنانية، نقلاً عن مصادر دبلوماسية، إن خطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة ليست مكتملة، مشيرة إلى أن الخطة ستُطرح للنقاش ولن تُقرّ في جلسة اليوم.
وقالت المصادر الدبلوماسية: “تنفيذ خطة الجيش اللبناني مشروط بانسحاب إسرائيل من النقاط الحدودية من أجل طمأنة الطرف الشيعي في البلاد، كما أن نجاحها يتطلب تعزيز قدرات القوى الأمنية اللبنانية”.
الضغوط الأمريكية والدولية
تضع الحكومة قرارها الذي وصفه خصوم حزب الله والموفد الأمريكي توم باراك بأنه تاريخي، في إطار تطبيق التزاماتها في اتفاق وقف اطلاق النار الذي أبرم بوساطة أمريكية وأنهى الحرب بين حزب الله واسرائيل في 27 نوفمبر الماضي.
ونصّ الاتفاق على حصر حمل السلاح بالأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية الرسمية. وتحذر الولايات المتحدة من أن الوقت ينفد أمام الحكومة لنزع سلاح حزب الله قبل أن تخاطر بفقدان الدعم المالي الأمريكي والخليجي.
تحديات التطبيق
تواجه خطة حصر السلاح تحديات جمة، حيث أن نجاحها يتطلب تعزيز قدرات القوى الأمنية اللبنانية وانسحاب إسرائيل من النقاط الحدودية المحتلة. كما أن الموقف الأمريكي لا يزال منقسماً بين من يدفع باتجاه سحب السلاح بالقوة ومن يدعو إلى فرض عقوبات ومن يركّز على إقناع إسرائيل بالانسحاب.
أهمية الجلسة التاريخية
لجلسة مجلس الوزراء أهمية قصوى لمعرفة المسار الذي سيسلكه قرار حصرية السلاح بيد الدولة، وعما إذا كانت خطة الجيش ستلحظ جدولاً زمنياً لهذا الأمر. وتأتي هذه الجلسة في لحظة حرجة قد تحدد مستقبل لبنان السياسي والأمني.
فالبلاد تقف على مفترق طرق: إما المضي قدماً في تطبيق سيادة الدولة والحصول على الدعم الدولي، أو الانزلاق نحو أزمة سياسية عميقة قد تهدد الاستقرار وتعرض البلاد لمخاطر أمنية جديدة. والسؤال المحوري يبقى: هل ستتمكن الحكومة اللبنانية من المضي في قرارها التاريخي رغم المعارضة الشديدة، أم ستضطر للتراجع أمام ضغوط الشارع والتهديدات السياسية؟










