حذرت منظمة العفو الدولية في بيان صادر يوم 4 سبتمبر 2025 من التداعيات الكارثية للعملية العسكرية الإسرائيلية المتصاعدة في مدينة غزة، مطالبة إسرائيل بـ“تجميد عمليتها العسكرية على الفور” لتجنب تفاقم الأزمة الإنسانية المستمرة منذ أكثر من عام في القطاع المحاصر.
جاء التحذير في ظل تصاعد الهجوم العسكري الإسرائيلي على مدينة غزة خلال الأيام الأخيرة، حيث قُتل عشرات المدنيين ودُمرت منازل وأهداف مدنية أخرى في أحياء الشيخ رضوان والزيتون والشجاعية.
كما حشدت إسرائيل أعداداً كبيرة من جنود الاحتياط وأصدرت أوامر نزوح جماعية جديدة لسكان المدينة، مُعلنة مناطق واسعة منها “مناطق محظورة”.
تصريحات منظمة العفو: اتهامات بالإبادة الجماعية المستمرة
وصفت إيريكا جيفارا روساس، كبيرة مديري البحوث وأنشطة كسب التأييد في منظمة العفو الدولية، الهجوم الإسرائيلي بأنه يكشف عن “تصميم إسرائيل المرعب على مواصلة إبادتها الجماعية للفلسطينيين في غزة”.
وأضافت روساس:”إسرائيل تمضي قُدماً في هجومها القاسي والقاتل على مدينة غزة، مُتجاهلة تماماً المدنيين الفلسطينيين وسط مجاعة من صنعها، متحدية الدعوات المتكررة من المنظمات الإنسانية والحقوقية ومسؤولي الأمم المتحدة وقادة العالم لوقف هجماتها”.
وحذرت المنظمة من أن الهجوم على مدينة غزة سيؤدي إلى “تهجير قسري لمئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين مرة أخرى”، مما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني ويُعتبر “جريمة حرب تتمثل في النقل أو الترحيل غير القانوني”.
السياق العسكري: حشد واسع للقوات الإسرائيلية
تشهد مدينة غزة حالياً تصعيداً عسكرياً غير مسبوق بعد أن بدأت إسرائيل في استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط للمشاركة في العملية الجديدة. ووفقاً لتقارير إعلامية، من المتوقع أن يلتحق 40 ألف جندي احتياط بالخدمة يوم الجمعة من أصل 60 ألف جندي يعتزم الجيش الإسرائيلي استدعاءهم.
في المقابل، أعلنت مجموعة متزايدة من جنود الاحتياط الإسرائيليين أنهم سيرفضون الالتحاق بالخدمة العسكرية إذا تم استدعاؤهم للعملية المخطط لها، مشيرين إلى مخاوف حول سلامة الرهائن واعتراضهم على سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
تفاقم الأزمة الإنسانية: حملة تجويع ممنهجة
تأتي العملية العسكرية الجديدة في ظل أزمة إنسانية مدمرة في قطاع غزة، حيث أعلنت منظمة “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي” رسمياً عن وقوع مجاعة في مدينة غزة في أغسطس 2025.
وصفت منظمة العفو الدولية هذه المجاعة بأنها “كارثة من صنع البشر بالكامل” و“النتيجة المباشرة لحملة التجويع المتعمدة التي تشنها إسرائيل في غزة”. وأكدت المنظمة أن:
العرقلة المتعمدة لوصول المساعدات الإنسانية
تدمير البنية التحتية الأساسية للحياة
القتل المباشر للمدنيين
تشكل “تجسيداً واضحاً للطريقة التي تفرض بها إسرائيل ظروفاً معيشية يُراد بها التدمير المادي للفلسطينيين في غزة كجزء من الإبادة الجماعية المستمرة”.
شهادات مروعة: تأثير التجويع على المدنيين
وثقت منظمة العفو الدولية شهادات جديدة مروعة من مدنيين نازحين في غزة تُظهر التأثير المدمر لـحملة التجويع الممنهجة. وبحسب الشهادات المُجمعة، فإن:
الأطفال الفلسطينيين يُتركون ليذووا جوعاً
العائلات تُجبر على مواجهة خيار مستحيل: إما الاستماع بعجز إلى أنين أطفالهم طلباً للطعام، أو مواجهة خطر الموت في محاولة يائسة للحصول على المساعدات
تدمير صحة الفلسطينيين وسلامتهم ونسيجهم الاجتماعي بصورة ممنهجة
نظام توزيع المساعدات: “فخ للفلسطينيين الجائعين”
انتقدت منظمة العفو الدولية بشدة نظام توزيع المساعدات المثير للجدل الذي تدعمه إسرائيل والولايات المتحدة عبر “مؤسسة غزة الإنسانية”، واصفة إياه بأنه “فخ للفلسطينيين الجائعين اليائسين”.
وفقاً لوزارة الصحة في غزة، فإن أكثر من 500 فلسطيني قُتلوا في مراكز توزيع المساعدات أو بالقرب منها خلال شهر واحد فقط. وتُحرس هذه المراكز بواسطة شركات أمن خاصة وتقع بالقرب من مواقع عسكرية إسرائيلية، حيث اتهم مسؤولون فلسطينيون وشهود عيان القوات الإسرائيلية بإطلاق النار على الحشود المتجهة لهذه المواقع.
الوضع الحالي: أرقام مدمرة
تُظهر الإحصائيات الرسمية حجم الكارثة الإنسانية في غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023:
الضحايا البشرية:
أكثر من 63 ألف قتيل فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء وأكثر من 160 ألف مصاب، وأكثر من 9 آلاف مفقود
النزوح والتهجير:
مئات الآلاف من النازحين داخل القطاع فقرابة 70% من قطاع غزة بات خاضعاً لأوامر إخلاء أو مناطق محظورة
المجاعة:
348 فلسطينياً قُتلوا بسبب المجاعة، بينهم 127 طفلاً
الدعوات الدولية: مطالب بوقف فوري للعدوان
دعت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي وخاصة حلفاء إسرائيل بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وأعضاؤه إلى:
إجراءات عاجلة:
تعليق جميع عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل، واعتماد عقوبات مُستهدفة ضد المسؤولين الإسرائيليين.
وأيضا إنهاء أي تعامل مع الكيانات الإسرائيلية عندما يساهم ذلك في الإبادة الجماعية.
إجراءات طويلة المدى:
رفع الحصار غير القانوني عن قطاع غزة فوراً ودون قيود، ووقف إطلاق نار فوري ومستدام، والإفراج العاجل عن الرهائن المحتجزين في غزة.
ومذلك الإفراج عن جميع الفلسطينيين المحتجزين تعسفياً من جانب إسرائيل.
موقف المنظمة من الرهائن: دعوة لإطلاق سراح فوري
أكدت منظمة العفو الدولية على دعوتها المتكررة لـحماس والجماعات المسلحة الفلسطينية الأخرى بضرورة “الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن المدنيين”.
وحذرت المنظمة من أن العملية العسكرية المخطط لها “قد تُعرض حياة الرهائن الإسرائيليين للخطر وتُقوّض إمكانية عودتهم بأمان إلى عائلاتهم”.
التحديات القانونية: انتهاكات للقانون الدولي
تُؤكد منظمة العفو الدولية أن الخطط الإسرائيلية لتوسيع العمليات العسكرية في مدينة غزة “ستنتهك القانون الدولي” وتُدوس على فتوى محكمة العدل الدولية التي خلُصت إلى أن الوجود الإسرائيلي المستمر في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني ويجب إنهاؤه.
كما أشارت المنظمة إلى أن التهجير القسري للفلسطينيين داخل أو خارج قطاع غزة يُشكل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني ويُعتبر “جريمة حرب تتمثل في النقل أو الترحيل غير القانوني”.










