في خطوة أثارت جدلاً إقليمياً، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبيل أيام أنه «يستطيع فتح معبر رفح لخروج الفلسطينيين، لكن سيتم إغلاقه فوراً من مصر»، في إشارة إلى رفض القاهرة القاطع لأي تهجير قسري للفلسطينيين من قطاع غزة.
يأتي هذا التصريح في إطار الضغوط الإسرائيلية–الأمريكية على عمليات «إعادة التوطين»، بينما يرفض الفلسطينيون التهجير متمسكين بحق العودة وحقهم في غزة.
التصريح وتداعياته
خلال مقابلة مع قناة «أبو علي إكسبرس» على منصة تلغرام، قال نتنياهو إن هناك «خططاً مختلفة لإعادة إعمار غزة»، مضيفاً أن «نصف السكان يريدون الخروج من غزة، وهذا ليس طرداً جماعياً».
وزعم نتنياهو :«أستطيع أن أفتح لهم معبر رفح، لكن سيتم إغلاقه فوراً من مصر»
واعتبر نتنياهو حق الفلسطينيين في الخروج من غزة «حقاً أساسياً»، قبل أن يعلن عن اتفاق شبه شامل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هذه الخطط، قائلاً:«أنا وترامب متفقان تقريباً على كل شيء، بل أقول على كل شيء»
غير أن تصريحات نتنياهو اصطدمت برفض قطري وفلسطيني ومصري حاد. فالقاهرة، التي تتولى إدارة معبر رفح الحدودي، أكدت أكثر من مرة أنها «خط أحمر» لأي تهجير للقسري للفلسطينيين.
موقف مصر الرافض
كثّف المسؤولون المصريون في الأيام الماضية تصريحاتهم الرافضة لأي مخططات تهجير. وفي مساء الأربعاء، قال رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان إن نتنياهو «يشعر أن مصر عقبة أمام حلمه بإسرائيل الكبرى… وتعتبر التهجير خطاً أحمر» وأضاف:
«القاهرة حائط الصد الأول لمنع تهجير الفلسطينيين»
من جانبه، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة على أن بلاده ترفض «تهجير الفلسطينيين تحت أي ذريعة»، مؤكداً التزام القاهرة بدعم الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه.
مخططات التهجير الأمريكية–الإسرائيلية
تزامن تصريح نتنياهو مع جولة مكثفة لمسؤولين أمريكيين وإسرائيليين لعرض «خطط إعادة التوطين» على دول مجاورة، أبرزها مصر والأردن.
ويُستهدف من هذه الخطط نقل مئات الآلاف من سكان غزة إلى مناطق خارج القطاع، بحجج «إعادة الإعمار» و«التخفيف الإنساني». لكن هذه المبادرات اصطدمت برفض فلسطيني قاطع، إذ يعتبرون أن «تهجيرهم» هو جزء من «تصفية القضية الفلسطينية».
جهود أمريكية لدعم التهجير
كشف مسؤولون إسرائيليون ومسؤولون أمريكيون عن لقاءات تمّت في واشنطن بين صناع القرار في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، بهدف ضمان «تواطؤ» دول الجوار. لكن سرعان ما تبين أن دولاً كالأردن ولبنان رفضت المشاركة، وأكدت أن «الحق لا يٌباع ولا يُهدر»، بحسب دبلوماسي أردني.
معاناة غزة والعدوان المستمر
منذ 7 أكتوبر 2023، يشهد قطاع غزة حصاراً محققاً وعملية عسكرية واسعة تنظر إليها الأمم المتحدة على أنها «إبادة جماعية» على خلفية الإحصاءات الدامية.
وقد أسفرت الحرب عن:
64,231 قتيلاً غالبيتهم نساء وأطفال
161,583 جريحاً معظمهم من المدنيين
آلاف المفقودين ومئات الآلاف من النازحين داخلياً
تدمير شبه كامل للبنية التحتية السكنية والاقتصادية
ويقدر عدد سكان غزة قبل الحرب بنحو 2.4 مليون نسمة، وقد فقد أكثر من 1.5 مليون منهم مأواهم نتيجة القصف والتشريد المتواصل.
تمسك الفلسطينيين بحق العودة
تصاعدت الاحتجاجات داخل المخيمات والمناطق المحررة في غزة رفضاً لأي «تهجيرٍ قسري»، حيث رفع الأهالي شعارات «العودة حق لا تنازل عنه»، و«غزة لنا ولن نفرط فيها». وأجرت حركات المقاومة لقاءات شعبية وسياسية أكدت خلالها أن «التهجير يشكل جريمة حرب»، داعية المجتمع الدولي إلى الوقوف مع الشعب الفلسطيني.
التأثير السياسي والإقليمي
لا يقتصر رفض التهجير على غزة فحسب، بل عبّر الأمين العام لجامعة الدول العربية حسام زكي أن «محاولات تهجير الفلسطينيين تهدد الاستقرار في الشرق الأوسط بأسره». إضافة إلى ذلك، حذّر الاتحاد الأوروبي من أن أي خطوات من هذا النوع «ستزيد من حالة اللاعنف وستزيد التطرف»، داعياً إلى «إعادة الثقة عبر احترام الحقوق الدولية».
مستقبل الأزمة
تتجه التوقعات إلى تصعيد دبلوماسي محتمل بين إسرائيل ومصر حال استمرت إسرائيل في طرح أي خطط تهجير. وربما يلجأ السيسي إلى استخدام ورقة معبر رفح للتصعيد السياسي ضد تل أبيب، وهو ما دفع إسرائيل إلى التحذير من «إغلاق المعبر كلياً»، الأمر الذي يفاقم معاناة نحو مليون ونصف فلسطيني يعتمدون عليه للغذاء والدواء.
في غضون ذلك، يصر الفلسطينيون على بقائهم في غزة، ويرفعون سقف المطالب بحماية دولية فعلية وفتح تحقيقات في جرائم الحرب.
وتواجه إسرائيل وضغطاً دولياً متزايداً لمراجعة سياستها العسكرية والاجتماعية في القطاع، وسط خشية من انعكاسات إنسانية وأمنية أخطر في حال أقدمت على تهجير السكان.










