في تصعيد عسكري جديد يعكس تطور استراتيجية الجيش السوداني في الحرب الدائرة ضد قوات الدعم السريع، أعلن نائب القائد العام للجيش الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عن عملية عسكرية شاملة لفك الحصار عن مدينة الفاشر واستعادة السيطرة على كامل إقليم دارفور، مؤكداً رفض القيادة العسكرية التفاوض مع ما أسماها “المليشيات المتمردة”.
التطورات العسكرية الأخيرة في الفاشر
تصاعد المعارك والقصف المتبادل
شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تصعيداً عسكرياً حاداً خلال الأيام الماضية، حيث نفذ الجيش السوداني ضربات جوية مكثفة عبر طائرات مسيّرة استهدفت مواقع قوات الدعم السريع في المحور الجنوبي للمدينة. وردت قوات الدعم السريع بـقصف مدفعي ثقيل على أحياء سكنية ومقار عسكرية للجيش.
التطورات الميدانية المتصارعة
بينما تدعي قوات الدعم السريع السيطرة على أحياء جديدة في الفاشر، بما في ذلك أحياء “ديم سلك” و”الزيادية” ومحطة “مليط” للمواصلات في المحور الشمالي الشرقي للمدينة، ينفي الجيش السوداني هذه المزاعم ويؤكد نجاحه في صد الهجمات واستعادة بعض المواقع التي كان قد فقدها مؤقتاً.
الخطة العسكرية الجديدة: الأبيض كمركز العمليات
التحرك الاستراتيجي لكباشي
في تطور مهم، انتقل الفريق شمس الدين كباشي إلى مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، حيث تتمركز أكبر حاميات الجيش السوداني. من هناك، أعلن كباشي أن “الجيش والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح سيصلون إلى مدينة الفاشر بدارفور ومدن بابنوسة والدلنج وكادقلي بكردفان”.
رفض التفاوض والتأكيد على الحسم العسكري
في رسالة حاسمة، أكد كباشي مخاطباً القوات في الخطوط الأمامية أنهم “ليسوا سياسيين حتى يتحدثوا عن تفاوض أو حوار” مع قوات الدعم السريع، مؤكداً أن “العمليات العسكرية لن تتوقف، إلا بتحقيق النصر الكامل، عبر استسلام المتمردين، أو دحرهم وطردهم من الفاشر والجنينة وأم دافوق إلى خارج السودان”.
الأهمية الاستراتيجية لإقليم كردفان
البوابة إلى دارفور
تكتسب ولاية شمال كردفان أهمية استراتيجية محورية في الصراع الدائر، نظراً لموقعها الجغرافي الذي يجعلها “بوابة طبيعية نحو إقليم دارفور”. كما تقع على تقاطع طرق حيوية تربط بين دارفور وولايات الوسط، مما يجعل السيطرة عليها ضرورية لتأمين خطوط الإمداد.
التعزيزات العسكرية حول الأبيض
عزز الجيش السوداني خطوط دفاعه حول مدينة الأبيض تحسباً لهجوم محتمل من قوات الدعم السريع، خاصة بعد تقدم الأخيرة في مناطق أم صميمة والسيال الواقعتين شمال وغرب المدينة. وتهدف قوات الدعم السريع إلى تطويق الأبيض من الشمال والغرب لإجبار قوات الجيش على الانسحاب أو الخروج للقتال في مواقع غير محصنة.
الوضع الإنساني الكارثي في الفاشر
حصار خانق منذ أكثر من عام
تعيش مدينة الفاشر تحت حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع منذ مايو 2024. وقد أدى هذا الحصار إلى نقص حاد في المواد الغذائية والطبية، حيث تشير التقديرات إلى أن ما بين 5 إلى 8 مدنيين يُقتلون يومياً جراء القصف المدفعي المستمر.
أرقام صادمة للضحايا
وفقاً للتقارير الطبية المحلية، قُتل 18 شخصاً وأُصيب أكثر من 100 آخرين في قصف لقوات الدعم السريع على الأحياء السكنية في الأول من سبتمبر وحده. كما أدى القصف على مخيم أبو شوك للنازحين إلى سقوط 4 قتلى و3 جرحى في هجوم واحد.
الحواجز الأسمنتية والخنادق
كشفت الصور الجوية من جامعة ييل عن إنشاء قوات الدعم السريع أكثر من 31 كيلومتراً من السواتر والجدران الترابية حول الفاشر، بعمق يصل إلى ثلاثة أمتار، مما يشكل “صندوق قتل” يمنع دخول السلع أو خروج المدنيين.
الجهود الدبلوماسية لفك الحصار
جولة مناوي الدولية
عاد حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي من جولة خارجية شملت دولاً أوروبية وأفريقية، حيث ناقش سبل فك الحصار المفروض على الفاشر ومعالجة الأوضاع الإنسانية هناك. وأكد مناوي أن “المعركة ليست سياسية بقدر ما هي إنسانية ووطنية”.
التحديات في الطريق إلى الفاشر
أشار مناوي إلى أن “الطريق إلى الفاشر محفوف بالأشواك”، موضحاً أن المعارك في الصياح والزرق والمالحة والخوي وأم قعود وأم الصميمة، كانت جميعها معارك في الطريق إلى الفاشر، وأسهمت في “كسر شوكة قوات النخبة في الدعم السريع”.










