كشفت مصادر مطلعة في الإدارة الأمريكية أن الرئيس دونالد ترامب يدرس خيارات لتنفيذ ضربات عسكرية داخل الأراضي الفنزويلية، تستهدف عصابات المخدرات التي تعتبرها إدارته جماعات إرهابية، في إطار استراتيجية أوسع لإضعاف نظام نيكولاس مادورو وربما الإطاحة به.
وقالت مصادر متعددة لشبكة CNN إن الهجوم الأمريكي على قارب يزعم أنه مرتبط بعصابة “Tren de Aragua”، والذي أسفر عن مقتل 11 شخصا يوم الثلاثاء الماضي، كان بمثابة بداية حملة عسكرية موجهة ضد كارتلات المخدرات الفنزويلية، وقد يكون خطوة أولى في تصعيد مدروس ضد النظام الحاكم في كاراكاس.
الضربات العسكرية “خيار على الطاولة”
وأشارت المصادر إلى أن ترامب منح تفويضا عاما للجيش الأمريكي بتنفيذ عمليات مميتة ضد “الإرهابيين المرتبطين بالمخدرات”، في خطوة أثارت قلقا واسعا في أوساط الكونغرس والمجتمع الدولي، خصوصا في ظل غياب تبريرات قانونية واضحة.
وفي تصريح صحفي، لم يستبعد وزير الخارجية ماركو روبيو احتمال توجيه ضربات داخل الأراضي الفنزويلية، وقال:”سنتصدى لعصابات المخدرات أينما كانت، وأينما كانت تعمل ضد مصالح الولايات المتحدة.”
روبيو كشف كذلك عن تفاصيل الهجوم على القارب، قائلا:”بدلا من اعتراضه، بناء على أوامر الرئيس، فجرناه. وسيتكرر الأمر. ربما يحدث الآن.”
تعزيز عسكري أمريكي في الكاريبي
وفي تحركات لافتة على الأرض، نقلت الولايات المتحدة مؤخرا قوات بحرية وجوية ضخمة إلى منطقة البحر الكاريبي. وتتمركز الآن سفن حربية مزودة بصواريخ توماهوك، وغواصة هجومية، وأكثر من 4000 جندي من مشاة البحرية، إلى جانب 10 مقاتلات F-35 في بورتوريكو. وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن هذه التحركات تهدف لتوجيه رسالة واضحة إلى مادورو.
في فيديو نشر على منصة “Truth Social”، ظهر ترامب وهو يستعرض لقطة لقارب فنزويلي قال إنه يحمل شحنة مخدرات، وأعلن صراحة أنه أمر بتدميره، في ما وصفه مراقبون بـ”الإشارة المباشرة لبدء حملة عسكرية محدودة”.
مادورو… من رئيس إلى “إرهابي مخدرات”؟
تواصل إدارة ترامب تصعيد خطابها السياسي تجاه مادورو، حيث تم مؤخرا مضاعفة المكافأة المالية مقابل القبض عليه إلى 50 مليون دولار، ووصفه رسميا بأنه “إرهابي مخدرات” مرتبط بكارتلات تم تصنيفها كجماعات إرهابية.
في تصريحاته، قال ترامب إن فنزويلا أجرت انتخابات “غريبة للغاية”، لكنه تجنب الحديث المباشر عن تغيير النظام، مكتفيا بالقول:”نحن لا نتحدث عن ذلك… لكننا نتحدث عن حقيقة أن تلك الانتخابات لم تكن طبيعية”.
ارتباك قانوني في واشنطن
أثار الهجوم الأمريكي على القارب الفنزويلي تساؤلات قانونية عديدة في واشنطن، حيث تم إلغاء إحاطة سرية لأعضاء الكونغرس حول تفاصيل العملية في اللحظة الأخيرة، دون تقديم أي توضيحات حول الأساس القانوني للضربة أو الأدلة الاستخباراتية الداعمة لها.
في محاولة لامتصاص الغضب، أرسل البيت الأبيض رسالة رسمية إلى قادة الكونغرس الجمهوريين، قال فيها إن الرئيس تصرف وفقا لصلاحياته الدستورية كقائد عام للقوات المسلحة. لكن الرسالة لم تتضمن تفاصيل دقيقة حول طبيعة المهمة أو حدودها الزمنية.
التناقض الأمريكي: ضربات ومفاوضات؟
ورغم التصعيد، تشير تقارير إلى استمرار قنوات الاتصال السرية بين واشنطن وكاراكاس. فقد أعادت إدارة ترامب مؤخرا الترخيص لشركة شيفرون النفطية للعمل في فنزويلا، كما يجري تنسيق عمليات ترحيل مهاجرين بين البلدين.
هذه الازدواجية دفعت محللين للتساؤل:”هل تسعى واشنطن لتطبيع العلاقات أم لا تزال تسعى لتغيير النظام؟”
ويقول بنيامين جيدان، مسؤول سابق في مجلس الأمن القومي:”إذا كانت فنزويلا تقدم معظم ما تريده الإدارة، فلماذا هذا التصعيد المفاجئ؟”
هل فنزويلا تهديد فعلي؟
يشير بعض الخبراء إلى أن دور فنزويلا في تجارة المخدرات العالمية مبالغ فيه، لافتين إلى أن البلاد ليست منتجا رئيسيا للكوكايين، وأن الكارتلات الكولومبية تبقى اللاعب الأهم في هذا المجال. مع ذلك، يرفض روبيو بشدة هذا التقييم، قائلا:”لا يهمني ما تقوله الأمم المتحدة… فنزويلا متورطة بشدة في تجارة المخدرات”.
إلى أين تتجه الأمور؟
بين التصعيد العسكري والرسائل الغامضة، تبقى نوايا إدارة ترامب تجاه فنزويلا غير واضحة بالكامل. لكن ما هو واضح، بحسب مسؤول في البيت الأبيض، أن الرئيس أعطى “الضوء الأخضر” لقتل الإرهابيين أينما كانوا، وأن المزيد من الضربات قادمة على الأرجح.
في المقابل، يحذر مراقبون من أن أي تدخل عسكري واسع قد يفتح الباب أمام صراع طويل الأمد في المنطقة، خصوصا إذا ما قررت كاراكاس الرد أو إذا تسبب التصعيد في إراقة دماء مدنيين.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، يبقى مصير فنزويلا بين فكي السياسة الداخلية الأميركية وصراع النفوذ في أميركا اللاتينية.










