في تطور يعكس هشاشة التنسيق الأمني وتضارب الرواية الرسمية في العراق، برزت حالة من التناقض الصارخ بشأن وقوع اشتباكات مسلحة على الحدود السورية–العراقية، إذ أعلنت هيئة الحشد الشعبي عن تعرض قواتها لهجوم مسلح من داخل الأراضي السورية.
فيما نفت وزارة الداخلية العراقية بشكل قاطع حدوث أي مواجهات، ما يسلط الضوء على إشكاليات عميقة في العلاقة بين المؤسسات الأمنية، والضبابية في إدارة المشهد الحدودي شديد الحساسية.
رواية الحشد الشعبي: هجوم مسلح من داخل سوريا
صرح القائد في اللواء السابع بهيئة الحشد الشعبي، جعفر محمد الشغانبي، أن “مسلحين أطلقوا النار من داخل الأراضي السورية على مواقع الحشد المتمركزة قرب الحدود”، واصفا المهاجمين بـ”الجماعة التكفيرية”، دون تحديد هوية الجهة أو ملابسات الحادث بدقة، مشيرا إلى أن “سبب الهجوم لا يزال غير واضح”.
وبحسب الشغانبي، استمر الاشتباك قرابة ساعتين، قبل أن تنسحب العناصر المسلحة.
النفي الرسمي: وزارة الداخلية تنفي بشكل قاطع
ردا على هذه التصريحات، نفى مقداد ميري، مدير إعلام وزارة الداخلية العراقية، بشكل قاطع وقوع أي اشتباك، قائلا: “هذه الأخبار عارية تماما عن الصحة”.
وأضاف أن قوات حرس الحدود، وليس الحشد الشعبي، هي المسؤولة عن تأمين المناطق الحدودية، وبالتالي فإن أي خرق أمني كان سيواجه أولا من جانبهم.
هذا النفي أيده حيدر الكرخي، مدير إعلام قيادة حرس الحدود، مؤكدا أن “الحشد لا يتمركز في الخطوط الأمامية، وبالتالي فإن مثل هذه الأخبار غير دقيقة”.
تحليل التناقض: ماذا يكشف هذا التضارب؟
وأتي التضارب في ظل مسؤولية الجيش العراقي وقوات حرس الحدود عن الخط الحدودي، فيما الحشد الشعبي ينتشر في مناطق دعم ومساندة، ولكن في بعض الحالات يقوم بدور قتالي مباشر، ما يخلق غموضا في تحديد المسؤوليات.
كما الحشد الشعبي يحاول إثبات فاعليته كقوة ضرورية في تأمين الحدود، في ظل اتهامات محلية ودولية بدوره المتجاوز للأطر القانونية.
كذلك يظنر التناقض الحاصل يعكس غياب التنسيق الكامل بين الأجهزة الأمنية، وهو أمر له تداعيات خطيرة في بيئة حدودية ملتهبة.
لماذا منطقة البوكمال–القائم؟
تعد منطقة البوكمال القائم ذات موقع استراتيجي يربط العراق بسوريا وإيران، ويستخدم كمعبر رئيسي لنقل الإمدادات والأسلحة، ووجود الحشد الشعبي يشكل نوفذ إيراني في المنطقة والفصائل المتحالفه مع طهران.
وتشهد المنطقة نشاط مكثف للطائرات المسيرة الأمريكية والإسرائيلية، ما يجعل المنطقة تحت رقابة عسكرية عالية.
كذلك لا يزال تنظيم “داعش” ينشط في المناطق الصحراوية، كما تعتبر شبكات تهريب ترتبط بفصائل مسلحة وأطراف متنفذة.










