قدّم خطيب مسجد في مصر اعتذارًا رسميًا عقب انتشار مقطع فيديو مسيء يتحدث فيه عن ذكرى المولد النبوي الشريف بوصفه “يوم منيل بـ60 نيلة”، مما أثار غضبًا واسعًا ودعوات لمحاسبته.
وأكّد الخطيب ندمه وحذف الفيديو فور علمه بخطئه، طالبًا العفو من الله والرسول، فيما دعت جماعة واسعة وزارة الأوقاف للتحقيق واتخاذ إجراءات صارمة.
تفاصيل الواقعة
انتشر خلال الأيام الماضية مقطع فيديو لخطيب مسجد في إحدى المحافظات المصرية، ظهر فيه وهو يتطاول على الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، واصفًا هذه المناسبة بـعبارات مثيرة للجدل بما فيها: “هالل علينا يوم منيل بستين نيلة، اليوم اللي جاي ويقولك يوم المولد النبوي.”
وزعم الخطيب أن النبي لم يجمع أصحابه للاحتفال بيوم ميلاده ولم يقم “درسًا عمليًا” في مثل هذه الذكرى، ما اعتُبر تقليلًا من قيمة هذه المناسبة المقدسة عند المسلمين عمومًا والعرب خصوصًا.
سرعان ما انتشر المقطع على منصات التواصل الاجتماعي، مما أثار حالة من الغضب والرفض بين المستخدمين، الذين طالبوا بمحاسبته وتوقيع أقصى العقوبات بحقه.
اعتذار الخطيب وردّه
في بيان نشره عبر حسابه على “فيسبوك”، أوضح الخطيب أنه بادر إلى حذف الفيديو فور تلقيه ملاحظات من عدد من العلماء والمشايخ الذين نبّهوه إلى خطورة ما صدر منه، قائلًا:“الواحد غلط واتعلم من غلطه، وكل بني آدم خطّاء.. بعتذر للنبي إني قولت كلام ماكنتش أعرف معناه، والمولد النبوي يوم طيب ومبارك ولازم نفرح ونحتفل بيه.. يا رب تسامحوني ويسامحني ربنا ورسوله على اللي حصل.”
وأضاف أنه يشعر بالندم الشديد ويحترم المشاعر الدينية للمسلمين، مؤكّدًا أنه لم يقصد الإساءة بقدر ما وقع في سوء فهم لبعض الألفاظ.
غضب روّاد السوشيال ميديا
شهدت منصات التواصل الاجتماعي موجة من السخط والتنديد، حيث عبّر مستخدمون عن استيائهم من “تقليل” الخطيب من قيمة مناسبة دينية تحمل قدسية وبهجة كبيرة عند المسلمين. وطالبوا بمحاسبته وإعفائه من المنبر، معتبرين أن ما صدر منه ينطوي على “ازدراء” للشعائر.
مطالبات بمحاسبة رسمية
دعت نقابات أئمة ومدرسي الوعظ وزارة الأوقاف إلى فتح تحقيق عاجل مع الخطيب، وتطبيق لائحة الجزاءات المنصوص عليها في قانون تنظيم الخطابة والوعظ، والتي قد تصل إلى الإيقاف عن العمل أو الإعفاء منه نهائيًا في حال ثبوت الإساءة للمقدسات.
مواقف علمائية
أصدر عدد من العلماء والمشايخ بيانات نددوا فيها بما تضمنه الفيديو من إساءة، مؤكدين ضرورة التزام الخطباء بالضوابط الشرعية والأدبية في مخاطبة الجمهور. وذكروا أن مناسبات مثل المولد النبوي هي “فرح إيماني” ووسيلة لتعميق المحبة للنبي والاقتداء به، وليس مجالًا للتقليل من قدر هذه الذكرى.
السياق والأهمية الدينية
يُعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف سنة متبعة لدى أغلبية الأمة الإسلامية منذ القرن الثامن الهجري، حيث تُقام المجالس والمدائح وتُلقى الخطب التي تستحضر سيرة النبي وأخلاقه.
ورغم وجود خلاف فقهي حول مشروعية بعض مظاهر الاحتفال، إلا أن الغالبية ترى فيه إحياءً لذكرى المولد وفرصة لتجديد المحبة والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويعتبر أي كلام مسيء أو يقلل من مكانة هذه المناسبة “انتهاكًا” لحرمة الشعائر، ويثير ردود فعل قوية بين المسلمين، خاصة في الدول العربية التي تُعلي من قيمة الاحتفال وتحرص على تنظيمه رسميًا في المساجد والمؤسسات الدينية والثقافية.
دور وزارة الأوقاف
تخوّلت مصادر من داخل وزارة الأوقاف المصرية لـ”الشارع الإسلامي” أن الوزارة ستتخذ الإجراءات التالية تحقيق عاجل استدعاء الخطيب لسماع أقواله ومراجعة التسجيل الكامل للخطبة.
وكذلك عرض الواقعة على لجنة مختصة لمراجعة أداء الخطباء وتقييم مدى التزامهم بالضوابط، وتتراوح العقوبات المتوقعة من التنبيه والإنذار إلى الإيقاف عن الخطابة أو الإعفاء في حال ثبوت الإساءة.
وتأتي هذه الخطوات في إطار جهود الوزارة لتنقية الخطاب الديني من أي تجاوزات قد تؤثر على وحدة الصف الإسلامي وتحطّ من القداسة الرمزية للمناسبات الدينية.
المولد النبوي في التراث الإسلامي
يحظى المولد النبوي بمكانة بارزة في التراث الإسلامي، فقد ألف العلماء في مدح النبي وتاريخ ميلاده وأسبابه حقولًا واسعة من الكتب، ومن أبرزها: “السيرة النبوية” لابن هشام، و”الإكليل” للشريف الرضي، و”النفحات العطرية” لابن الجوزي. واحتفل المسلمون عبر العصور بجمع قصائد المولد وتلاوة المديح والتنويه بفضائل النبي، ويصاحب هذه الاحتفالات عادة توزيع الطعام والصدقات على الفقراء والمساكين.










