في سابقة بارزة للسينما الفلسطينية والعربية، حصد الفيلم الوثائقي التونسي-الفرنسي «صوت هند رجب» جائزة اللجنة التحكيمية الكبرى (الأسد الفضي) في الدورة 82 من مهرجان البندقية السينمائي الدولي، خلال حفل توزيع الجوائز الذي أقيم مساء السبت في مدينة البندقية بإيطاليا.
ويجمع هذا الإنجاز بين القيمة الفنية الرفيعة للفيلم وقوة رسالته الإنسانية، إذ يعالج مأساة اندلاع حرب غزة من خلال قصة الطفلة الفلسطينية هند رجب.
ملخص الفيلم ورؤية المخرجة
يحكي «صوت هند رجب» القصة الحقيقية للطفلة الفلسطينية (6 أعوام) التي قُتلت في يناير 2024، بعدما علقت داخل سيارة محاصرة بين جثث أفراد عائلتها عقب قصف إسرائيلي على غزة.
واستمرت هند في مناشدة فرق الإسعاف عبر مكالمة هاتفية استغرقت ثلاث ساعات، قبل أن تُعثر فرق الإنقاذ على جثتها وجثث المسعفين الذين حاولوا الوصول إليها.
المخرجة التونسية كوثر بن هنية اعتمدت أسلوبًا توثيقيًا مبتكرًا، يجمع بين التسجيلات الصوتية الحقيقية لمكالمة هند ومشاهد مصورة في غرفة تنسيق الإسعاف، بعيدًا عن إعادة تمثيل مشاهد القصف والعنف.
وتقول بن هنية: «أردت أن أمنح هند صوتها الأخير، وأن أظهر صمودها الإنساني في وجه وحشية الحرب. هذا الصوت هو شهادة على مأساة لا تحتملها الإنسانية».
تفاعل الجمهور وردود الفعل
شهد العرض العالمي الأول للفيلم تفاعلًا استثنائيًا، حيث استمر التصفيق أكثر من 23 دقيقة، محققًا رقمًا قياسيًا في تاريخ المهرجان. وصفه النقاد بأنّه «لحظة سينمائية مدهشة تجمع بين الشجن والقوة»، وقال الناقد السينمائي الإيطالي ماركو بيتي: «من النادر أن يبكي فيلم الجمهور بهذه الشدة مع الحفاظ على لغة فنية رفيعة».
أهمية الفوز للفيلم والسينما الفلسطينية
يسلط تتويج «صوت هند رجب» الضوء على السينما الفلسطينية ويمثل إضافة نوعية لمشهد الدراما والوثائقي في المنطقة. ففي حين يسيطر العنف المباشر على تغطية النزاع في وسائل الإعلام، يوفر الفيلم زاوية إنسانية مختلفة تركز على صوت الضحية وتعيد توجيه الانتباه إلى معاناة المدنيين.
من المتوقع أن يُدرج الفيلم ضمن القائمة المختصرة للترشيحات لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم دولي، إذ يحظى بدعم عدد من الأسماء البارزة في هوليوود، من بينهم الممثل خواكين فينيكس والمخرج ألفونسو كوارون.
سياق مهرجان البندقية وأبرز الجوائز
يُعتبر مهرجان البندقية السينمائي الدولي واحدًا من أقدم وأرفع المهرجانات السينمائية في العالم. تأسس في عام 1932 ويعقد سنويًا على جزيرة ليدو في البندقية. تشمل الجوائز الرئيسية:
الأسد الذهبي لأفضل فيلم.
الأسد الفضي – جائزة لجنة التحكيم الكبرى.
جائزة أفضل مخرج.
جائزة أفضل ممثل/ممثلة.
في الدورة 82 اختير الفيلم البريطاني «موجة الليل» للفائزة بجائزة الأسد الذهبي، فيما ذهبت جائزة أفضل مخرج إلى الكوري الجنوبي بارك تشان ووك.
خلفية المأساة الإنسانية
في يناير 2024، شهد قطاع غزة تصعيدًا عسكريًا أسفر عن مئات الضحايا المدنيين. أوضحت منظمة اليونيسف أن أكثر من 40% من القتلى كانوا من الأطفال، بينما دمرت الآلاف من المنازل والمستشفيات والمدارس. تعد قصة هند رجب نموذجًا صارخًا لمعاناة المدنيين العزل، وجاء الفيلم ليُترجم هذه المأساة بصوتها الصادق.










