زار بدران جيا كرد، نائب الرئيس المشترك للإدارة الذاتية لشؤون الخارجية في شمال وشرق سوريا، المرجعية الروحية للطائفة الدرزية في لبنان خلال لقاء جمعه مع نائب هئية علماء الدين الدرزية الشيخ كمال عز الدين في بيروت.
وأكد جيا كرد على متانة العلاقات التاريخية بين الكرد والدروز، وجدد دعم الإدارة الذاتية لمبادئ النظام الديمقراطي اللامركزي كحل جذري يضمن حقوق جميع المكونات السورية ويحترم خصوصياتها. كما عبّر عن تضامن الإدارة مع أهالي السويداء عقب الأحداث الإرهابية الأخيرة.
خلفية الزيارة وأهميتها
تأتي زيارة بدران جيا كرد إلى لبنان في إطار جولة عربية تهدف إلى تعزيز التواصل مع مختلف الطوائف والمكونات السورية والعربية، تمهيدًا لجولة مباحثات دولية منتظرة حول مستقبل سوريا.
وتعد المرجعية الدرزية في لبنان إحدى الركائز الروحية والاجتماعية للطائفة الدرزية في سوريا ولبنان والأردن، مما يجعل لقاء اليوم ذو دلالة رمزية وسياسية كبيرة.
مضمون اللقاء وأقوال المسؤولين
استضاف الشيخ كمال عز الدين جيا كرد في داره بمدينة بيروت، حيث دار النقاش حول العلاقات التاريخية بين الكرد والدروز.
وأكد نائب الرئيس المشترك أن “الروابط الأخوية تمتد جذورها إلى تاريخ طويل من التعايش والتعاون”، مشيرًا إلى دور الدروز في دعم الكرد والقضايا الديمقراطية في المرحلة الانتقالية التي عاشتها سوريا.
الحل الديمقراطي اللامركزي:
شدد جيا كرد على أن “إقامة نظام حكم ديمقراطي لامركزي هو المخرج الوحيد للأزمة السورية”، موضحًا أن هذا النظام يتيح لكل مكون إدارة شؤونه المحلية مع تنسيق فدرالي يضمن وحدة البلاد وسيادتها.
تضامن مع أهالي السويداء:
أعرب المسؤول الكردي عن “تضامن الإدارة الذاتية الكامل” مع محافظة السويداء، وقال: “نقف إلى جانب أهالي السويداء الأبطال الذين عانوا نتيجة الاعتداءات الإرهابية الأخيرة، ونحن على أتم الاستعداد لتقديم الدعم الإغاثي واللوجستي”.
السياق السياسي والدبلوماسي
تجري هذه الزيارة في وقتٍ حرج تصطف فيه القوى الدولية والإقليمية على طاولة مفاوضات حول إعادة إعمار سوريا وصياغة دستور جديد.
وتشكل المطالب الكردية ببناء لامركزية سياسية فيدرالية إحدى نقاط الخلاف الأساسية في آليات اقتسام السلطة وتوزيع الثروات.
وقد سبق لإدارة جيا كرد أن طرحت خارطة طريق تضم حماية التنوع الثقافي والديني من خلال قوانين تحمي حقوق الأقليات، وإقامة مجالس محلية منتخبة في المناطق ذات الغالبية الكردية والعربية والدرزية.
وكذلك إطار قانوني فدرالي يتيح للحكومة المركزية معالجة القضايا الأمنية والدفاع والاقتصاد الكلي.
ويحظى هذا الطرح بدعم بعض الأطراف الإقليمية والغربية، في حين تعارضه قوى سورية أخرى ترى فيه تمزيقًا لوحدة البلاد. وبالتالي، فإن لقاء جيا كرد بالمرجعية الدرزية يفتح نافذة للحوار مع مكون رئيسي بات يطالب بآليات مشاركة أكثر في الحكم المستقبلي.
العلاقات الكردية-الدرزية: تاريخ من التضامن
على امتداد العقود الماضية، تعايش الكرد والدروز في جبال حوران وريف السويداء تحت سقف التعددية السورية. وزاد هذا التضامن قوة خلال فترات الأزمات:
عام 2012: شهدت المنطقة موجات نزوح متبادلة وحالات تضامن بين السكان إثر النزاع المسلح.
2018: قدم الدروز في السويداء مساعدات إنسانية للنازحين الأكراد من ريف حلب الجنوبي.
2024: نظم قيادات درزية وكردية في دمشق وبيروت مؤتمرات مشتركة لدعم الحل السياسي اللامركزي.
هذه التجارب دفعت بالقادة إلى التأكيد على أن “حماية التنوع” تعد ركيزة لأي حل شامل في سوريا.
تداعيات الزيارة على الملف السوري
يهدف اللقاء إلى بناء ثقة متبادلة بين الكرد والدروز تُسهم في تحصين جبهة الداخل السوري أمام محاولات الاستفراد كلٌ على حدة.
ويحاول جيا كرد كسب تأييد مكون درزي مؤثر في لبنان والأردن، ما يعزز موقف الأكراد في المفاوضات الدولية.
كما يتيح حشد الدعم الدرزي للمطالب اللامركزية إضفاء بعد اجتماعي وثقافي على البعد السياسي للكرد.
الضغط على المعارضة السورية
يرسل اللقاء رسالة إلى فصائل المعارضة التقليدية بضرورة الانخراط في نموذج حكم تشاركي يراعي حقوق الجميع.
ويمكن أن يُشكّل هذا الحوار مقدمة لبناء تكتل داخلي قادر على الدفع بمبادرة سياسية تخرج سوريا من دوامة النزاع وتعيد إليها مواقعها الطبيعية في الاستقرار والتنمية.










