في السادس من سبتمبر كل عام، يتجدد الحديث حول واحدة من أشهر نجمات مصر والعالم العربي، الفنانة الراحلة رجاء الجداوي التي رحلت يوم 5 يوليو 2020 بعد إصابتها بفيروس كورونا، تاركةً وراءها بصمة نادرة في عالم الفن والأناقة والإنسانية. وفي ذكرى ميلادها هذا العام (2025)، سادت منصات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي موجة من الحنين والرثاء والاحتفاء بجمال سيرتها، فأصبحت ذكراها مناسبة لتجديد الوفاء لقيمة أخلاقية وجمالية شكلت وجدان أجيال من المصريين والعرب.
محطات مؤثرة في حياتها ومسيرتها
الاسم الحقيقي: نجاة علي حسن الجداوي، ولدت بمدينة الإسماعيلية في 6 سبتمبر 1934، وانتقلت مبكراً إلى القاهرة لتعيش مع خالتها الفنانة الأسطورية تحية كاريوكا، التي أثرت في مسار حياتها وفتحت أمامها أبواب الفن والأضواء.
تلقت تعليمها في مدارس الفرانسيسكان بالقاهرة، وتعلمت الفرنسية والإيطالية مما مكنها فيما بعد من أداء أدوار الأناقة والأرستقراطية ببراعة.
بدأت العمل كعارضة أزياء بعد أن فازت بلقب ملكة جمال القطر المصري عام 1958، ثم انتقلت للتمثيل في السينما والمسرح والتليفزيون. من أبرز مسرحياتها: “روبابيكيا” مع خالتها تحية كاريوكا، والتي أرست أسس صداقتها مع لاعب كرة القدم حسن مختار.
قصة حب وزواج استثنائية
قصة زواجها من الكابتن حسن مختار، حارس منتخب مصر، شكلت محوراً عاطفياً مؤثراً في حياتها، بدأت بعد تعارف خاطف خلال رحلة عمل فني وتحولت إلى زواج دام عدة عقود وأسفر عن ابنتها الوحيدة أميرة، وظلت علاقتها الأسرية مصدر دفء وسند طوال حياتها.
إرث فني وإنساني عابر للأجيال
شاركت رجاء الجداوي في عشرات الأفلام والمسلسلات، من “الواد سيد الشغال”، “عصابة حمادة وتوتو”، “يوميات زوجة مفروسة”، “أحلام الفتى الطائر”، “شربات لوز”، و”حدوتة مصرية”، وكانت بارعة في المزج بين الكوميديا والدراما الاجتماعية الراقية.
تميزت بحضورها الهادئ، وابتسامتها الراقية، وثقافتها الواسعة، وكانت دائمًا رمزًا للأناقة داخل الشاشة وخارجها، حتى لُقبت بـ”ملكة الأناقة المصرية”.
ذكريات الصداقة والمواقف الإنسانية
كانت علاقتها بالفنانتين ميرفت أمين ودلال عبد العزيز مثالاً لصداقة نادرة في الوسط الفني المصري، شكلن مثلثًا عنوانه الوفاء والصدق. وبعد رحيلها، فقد الوسط الفني أحد أضلاعه، تبعتها دلال عبد العزيز لاحقًا، وظلت ميرفت أمين تحمل ذكرى الصداقة على كتفيها وحدها.
ابنتها أميرة مختار تحيي باستمرار ذكراها على منصات التواصل وتنشر صوراً نادرة ورسائل رثاء مؤثرة، مؤكدة أن رجاء الجداوي كانت نعم الأم، صاحبة القلب الكبير والإبتسامة التي جمعت الجميع حولها. في آخر رسائل أميرة: “كل سنة وكل لحظة وانتي في قلبي يا أمي، الله يرحمك ويغفر لك ويديم عليكي نعمة حب الناس”.
تفاصيل الأيام الأخيرة والمعاناة الطبية
أُعلن في مايو 2020 عن إصابة رجاء الجداوي بفيروس كورونا أثناء تصوير مسلسل “لعبة النسيان”، وظلت أكثر من 43 يومًا في مستشفى العزل بالإسماعيلية. رغم تلقيها العلاج المكثف، ومن ضمنه بلازما من متعافين، بقيت المسحات إيجابية حتى فُجع الوسط الفني والجمهور بخبر وفاتها صباح 5 يوليو 2020.
أثر رحيلها على الفن والمجتمع
أكدت تقارير إعلامية أن وفاة رجاء الجداوي لم تكن مجرد خسارة فنية، بل هزة إنسانية، فقد جمعت بين فن الحضور والهدوء، عنت للجميع رمزًا للاحتواء والدعم، خصوصاً الشباب، وكانت حريصة على تقديم صورة مشرفة للفنان دون إثارة للجدل أو الدخول في صراعات.
ورغم مرور خمس سنوات على رحيلها، مازالت صورتها تضيء ذاكرة الفن المصري والعربي، ويستحيل ذكر اسمها دون استدعاء رقي السلوك وجمال الروح وسحر الأناقة الكلاسيكية.










