حذر أستاذ واستشاري طب الأعصاب، الدكتور سامي مرسي، من مخاطر تناول بعض المكملات الغذائية دون استشارة طبية، كونها قد تتحول إلى “سموم عصبية” تؤذي الجهاز العصبي المركزي. وأوضح الدكتور مرسي أن الزنك والفيتامين A والفيتامين D من أكثر هذه المكملات استخداماً وانتشاراً، لافتاً إلى أن تجاوز الجرعات الموصى بها قد يتسبب في مضاعفات عصبية خطيرة.
الزنك: تجاوز 25 ملغ يومياً يضرّ بالحبل الشوكي
قال الدكتور مرسي:“يعتبر الزنك من المعادن الأساسية للعديد من وظائف الجسم، ولكن تجاوز الجرعة اليومية الموصى بها 25 ملغ قد يؤدي إلى تلف في الحبل الشوكي، ويتجلى ذلك في صعوبة المشي وفقدان التوازن.”
وأضاف أن الزنك الزائد يثبط امتصاص النحاس في الأمعاء، مما يسبب هشاشة الأعصاب المحيطية وتنميل الأطراف وأحياناً شلل جزئي في الساقين.
فيتامين A: “ورم دماغي كاذب” يسبب صداعاً وضبابية رؤية
وحذّر الدكتور مرسي من الإفراط في تناول فيتامين A قائلاً:“الجرعات التي تتجاوز 1.5 ملغ يومياً قد تؤدي إلى ارتفاع الضغط داخل الجمجمة بشكل كاذب، ما يعرف بـ‘ورم دماغي كاذب‘، ويظهر على شكل صداع مستمر وغثيان وضبابية في الرؤية.”
وأشار إلى أن “ورم الدماغ الكاذب” لا يترافق مع ورم فعلي، بل هو نتيجة تراكم الفيتامين في أنسجة الجسم، ما يدفع السائل الدماغي للضغط بشكل غير طبيعي على الأعصاب القحفية.
فيتامين D: الجرعات العالية تخلّ بتوازن الكالسيوم
أوضح استشاري الأعصاب أن فيتامين D ضروري لصحة العظام، لكن الجرعات المرتفعة يمكن أن تسبب تراكماً مفرطاً للكالسيوم في المخ والأوعية الدموية، ما يترتب عليه أعراضاً نفسية مثل “الاكتئاب والارتباك والهلوسة”، وقد يصل الأمر إلى نوبات صرع حادة.
قال الدكتور مرسي:
“سجلنا بعض الحالات التي تناولت جرعات عالية من فيتامين D بجرعات يومية فوق 100 ميكروغرام، فأصيبوا بتغيّر المزاج إلى الاكتئاب والقلق، وانتشرت بينهم الهلوسة السمعية والبصرية.”
شدد على ضرورة إجراء فحص دم دوري لمستويات الكالسيوم والـ25-هيدروكسي فيتامين D قبل تعديل الجرعات.
خبراء التغذية: الغذاء المتوازن يغني عن المكملات
إلى ذلك، أكدت أخصائية التغذية العلاجية، الدكتورة ريم الشامي، أن “الغذاء المتوازن يوفر احتياجات الجسم من المعادن والفيتامينات دون الحاجة للمكملات في الحالات الطبيعية”. وأضافت:
“الإكثار من تناول المكمّلات دون تأثير طبي قد يحوّلها إلى سموم عصبية. يكفي تناول الفواكه والخضروات والأسماك والحبوب الكاملة للحصول على الفيتامينات والمعادن بنسب آمنة.”
وأوضحت أن تناول 3 وجبات رئيسية يومياً مع وجبة خفيفة متوازنة يضمن إيصال ما بين 80–100 من الاحتياجات الغذائية اليومية، بينما تحجّم المكمّلات عند وجود نقص فعلي يتم تشخيصه مخبرياً.
نصائح طبية للمستهلكين
استشارة الطبيب قبل بدء أي مكمل غذائي، وإجراء فحص دم لتحديد مستويات المواد في الجسم.
الالتزام بالجرعات الموصى بها من قبل المؤسسات الصحية العالمية، كمنظمة الصحة العالمية.
متابعة الأعراض الجانبية مثل الصداع أو التنميل أو تغيّر المزاج والإبلاغ الطبي الفوري.
الأكل المتوازن وتنوع مصادر الغذاء قبل اللجوء للمكملات، مع التركيز على البروتينات والخضروات والفواكه.
قال الدكتور مرسي في ختام حديثه:“الكثير من المرضى يظنون أن المكملات آمنة تماماً لأنها تباع من دون وصفة، لكن الإفراط فيها بلا رقابة يشبه تناول العقاقير السامة. الوقاية خير من العلاج، والطعام الطبيعي يبقى الخيار الأمثل.”










