رغم انتهاء حرب الإثني عشر يوما بين إيران وإسرائيل، فإن الرصاص لم يتوقف عن استهداف الكولبار، هؤلاء الذين يمشون على الحافة بين الحياة والموت بحثا عن لقمة العيش فوق الجبال الحدودية.
انخفاض الإصابات وارتفاع القتلى
ونشرت صحيفة “كولبير نيوز” تقريرا إحصائيا يظهر انخفاض عدد المصابين من الكولبار بنسبة 89% خلال النصف الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. لكن في مفارقة مؤلمة، ارتفع عدد القتلى بنسبة 47%، ما يعكس تصاعدا في فتك المواجهات مع قوات حرس الحدود الإيراني.
وفقا لبيانات الصحيفة، قتل 30 كولبارا خلال هذه الفترة. وعلقت بالقول إن الرصاص أصبح “أكثر دقة”، وكأن الحرب خلفت وراءها سياسة تصفية أكثر تنظيما.
الضغوط الأمنية زادت بعد الحرب
أكدت منظمة حقوق الإنسان “هنغاو” الحقوية الكردية، أن سبعة كولبار قتلوا بنيران مباشرة بعد الحرب، مقارنة بستة فقط خلال الأشهر الستة السابقة لها.
وذكرت أن السلطات الأمنية كثفت ضغوطها على الكولبار، متهمة إياهم بـ”التجسس” ونقل معدات عسكرية لصالح إسرائيل.
ورغم الوعود السياسية والتشريعية، لا تزال الملاحقة الأمنية مستمرة، مع صدور أحكام بالإعدام على ثلاثة كولبار بتهمة “القتال والإفساد في الأرض” بعد اتهامهم بالتجسس.
وعود بزشكيان… بلا تنفيذ
مع انتخاب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ساد شعور بالأمل لدى سكان المناطق الحدودية. ففي تصريح له، وصف الكولباري بأنه “عار على الدولة” حين يكون خيارا لحملة الشهادات العليا، داعيا إلى تحويله إلى تجارة مشروعة تحفظ كرامة الناس.
لكن رغم إقرار “قانون تنظيم ومراقبة التجارة الحدودية” في مارس 2024، فإن تنفيذه لا يزال معلقا، وسط تناقض في التصريحات الرسمية. ففي حين أعلن محافظ كردستان بدء تنفيذ القانون، أكدت مصادر حكومية أخرى أن الموضوع لا يزال قيد الدراسة في اللجنة الاقتصادية.
الإعدامات والاتهامات تلاحق الكولبار
في أجواء أمنية خانقة، تحول الكولبار إلى ضحايا لصراع استخباراتي غير متكافئ. أدت المزاعم حول استخدام طرق الكولبار لتهريب معدات عسكرية إسرائيلية إلى تجريم فئة كاملة من المدنيين.
عضو لجنة الأمن القومي، كامران غضنفري، صرح أن طائرات مسيرة وقطع غيار دخلت إيران عبر طرق الكولبار، لكن لم يقدم أي دليل علني. وفي المقابل، أقر رئيس لجنة الأمن القومي إبراهيم عزيزي بأن الطائرات المسيرة دخلت عبر الحدود مع أذربيجان، وهي مناطق لا ينتشر فيها الكولبار أصلا.
القانون موجود… لكن الكولبار يموتون
رغم إعلان محافظ كردستان إيران أن القانون بدأ تنفيذه في يوليو 1404 هـ، إلا أن منظمة “هنغاو” وثقت مقتل 4 كولبار على الأقل بعد هذا الإعلان. الحوادث المسجلة تشمل حالات من سلماس، مريوان، وبانه، وجميعها تعرضت لإطلاق نار مباشر.
وتشير التقديرات إلى أن تنفيذ القانون بشكل فعلي وشفاف يمكن أن يخفف من خطر الكولباري بنسبة تصل إلى 85%، لكن حتى الآن، لا توجد بوادر جدية لتنفيذه، بحسب ناشطين.
ناقلو الوقود والطحلاني… نفس المأساة
أرقام منظمة “هنغاو” وحملة النشطاء البلوش أظهرت أن عام 2024 شهد مقتل وإصابة أكثر من 714 شخصا من الكولبار وناقلي الوقود، بزيادة كبيرة عن العام الذي سبقه.
الختام: الكولباري ليس جريمة
وعد الرئيس الإيراني بأن يكون “رئيسا للعدالة القومية”، لكن القوانين بقيت على الورق، والرصاص لا يزال في الميدان.
الكولباري، والتهريب، و”الطحلاني” ليست ظواهر إجرامية، بل رد فعل على غياب التنمية والفقر المتجذر، وانعدام البدائل الاقتصادية في المناطق الحدودية.










