في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن مصر وتركيا قد حذرتا حركة حماس من ضربات إسرائيلية محتملة، ودعتا قادة الحركة إلى تشديد الإجراءات الأمنية في قطر، حيث كان وفدها المفاوض يشارك في مناقشة المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار في غزة.
10 طائرات وصواريخ بعيدة المدى
ووفقا للتقرير، استعانت إسرائيل بـ 10 طائرات حربية مزودة بذخائر دقيقة وبعيدة المدى، أطلقت صواريخها من خارج المجال الجوي القطري، في عملية استهدفت على ما يبدو قيادات بارزة من حماس، دون أن تحقق أهدافها الكاملة، في ظل تراجع التوقعات بشأن نجاح الاغتيال.
وتضاربت الأنباء حول المسار الجوي الذي سلكته الطائرات الإسرائيلية، في وقت سارعت فيه كل من السعودية والإمارات إلى نفي عبور المقاتلات فوق أراضيهما، ما أثار تساؤلات حادة حول الأطراف التي كانت على علم بالعملية، أو قدمت تسهيلات ضمنية لها.
واشنطن كانت على علم… لكن متأخرا
التقرير نقل عن مسؤولين أمريكيين تأكيدهم أن إسرائيل أبلغت البيت الأبيض قبل دقائق من تنفيذ الهجوم، لكنها لم تكشف عن هوية الهدف، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة لدرء الإحراج عن الإدارة الأميركية، التي تواجه ضغوطا متزايدة من الرأي العام ومن حلفائها بسبب دعمها الثابت لتل أبيب في حربها المستمرة على غزة.
وفي المقابل، نفت قطر – التي تلعب دور الوسيط الرئيسي في المفاوضات – أي علم مسبق بالعملية، إذ صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، عبر منصة إكس (تويتر سابقا): “البيانات المتداولة حول إبلاغ قطر بالهجوم مسبقا غير صحيحة. الاتصال الذي تلقيناه من مسؤول أمريكي جاء في الوقت الذي كانت فيه أصوات الانفجارات تسمع جراء الهجوم الإسرائيلي في الدوحة.”
تحذيرات أمنية وتدابير مشددة في قطر وتركيا
من جهتها، أفادت مصادر في حركة حماس بأن عددا من الدول المستضيفة لقيادات الحركة أصدرت تحذيرات أمنية مباشرة بضرورة تعزيز الإجراءات الأمنية خشية استهداف شخصيات بارزة.
مصر تحذر… وتحمي زياد النخالة
في موازاة ذلك، نقلت وول ستريت جورنال عن مصدر مصري رفيع قوله إن القاهرة حذرت من محاولة إسرائيلية لاستهداف زياد النخالة، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، والذي يقيم بشكل شبه دائم في العاصمة المصرية. وأفادت التقارير بأن مصر منحت النخالة إقامة دائمة كجزء من دورها كوسيط في مفاوضات وقف إطلاق النار.
انقسامات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية
الهجوم على الدوحة، الذي لم يعلن رسميا عن نتائجه، فجر خلافات حادة داخل المؤسسة الإسرائيلية، حيث أفادت وسائل إعلام عبرية بأن رئيس الموساد عارض توقيت العملية، بينما دعمها كل من رئيس الشاباك ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وعلى الرغم من ردود الفعل الأمريكية الحذرة، حاولت إسرائيل امتصاص الانتقادات، حيث صرح سفيرها لدى الأمم المتحدة أن “إسرائيل وحدها تتحمل المسؤولية”، فيما أكد الرئيس السابق دونالد ترامب أن العملية كانت “قرارا سياديا لرئيس الوزراء نتنياهو وحده”.
لكن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس لم يبد أي تراجع، بل صعد من لهجته، معلنا: “سنهاجم أعداءنا في كل مكان… الأذى سيلحق بكل من يمارس الإرهاب ضد إسرائيل. إذا لم تقبل حماس بشروطنا، فسندمرها وندمر غزة.”
توتر إقليمي ومخاوف من تصعيد أكبر
الهجوم الإسرائيلي على الأراضي القطرية – وإن نفذ من خارج مجالها الجوي – يعد تصعيدا غير مسبوق في منطقة تتوسط المفاوضات السياسية، ويضع الدور القطري كوسيط محل اختبار كبير، كما يهدد بإعادة تشكيل الاصطفافات الإقليمية، في وقت تبدو فيه المواجهة بين إسرائيل وحماس ممتدة ومفتوحة على أكثر من جبهة.










