تشهد سوريا أزمة اقتصادية حادة مع استمرار تراجع قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي، حيث وصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت 11600 ليرة لكل دولار في بعض المدن مثل دمشق وحلب خلال شهر سبتمبر 2025، في ظل غياب الحلول الحقيقة من قبل سلطة أحمد الشرع.
أسعار صرف الليرة السورية
شهدت الليرة السورية تقلبات حادة في الأسواق الموازية (السوداء)، بينما يحافظ مصرف سوريا المركزي على سعر رسمي مستقر. إليك جدولا يلخص الأسعار الرئيسية مقابل الدولار الأمريكي بناء على تقارير حديثة (أغسطس – سبتمبر 2025):

في السوق الرسمية، يظل السعر مستقرا حول 11,000 ليرة للدولار، لكن في السوق الموازية (التي يعتمد عليها معظم السوريين للتجارة اليومية)، يصل إلى 11,000 – 11,500 ليرة أو أكثر في بعض المناطق مثل الحسكة. هذا يعني أن الليرة فقدت أكثر من 99% من قيمتها منذ 2011 (من 50 ليرة للدولار إلى أكثر من 10,000 حاليا).
أسباب تهاوي الليرة السورية
انخفاض الليرة السورية ليس حدثا مفاجئا، بل نتيجة تراكمية لعوامل متعددة، خاصة بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 والانتقال إلى سلطة أحمد الشرع، ومنذ 2011، أدت الحرب إلى تدمير الاقتصاد، مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.5% في 2024، وتوقعات نمو 1% فقط في 2025.
وك1لك هناك فجوة كبيرة في سعر صرف الليرة السورية في السوق السوداء والسعر الرسمي غير واقعي، مما يدفع التجار إلى السوق الموازية حيث يرتفع الدولار بنسبة 20-30% أعلى.
أيضا رغم رفع بعض العقوبات في 2025، لا تزال الاقتصاد السوري معزولا، مع نقص في الاحتياطيات الأجنبية وانخفاض الاستثمارات.
كذلك التقلبات السياسية خيث الاشتباكات في السويداء والحسكة، والحرائق الناتجة عن قصف إسرائيلي في اللاذقية (8 سبتمبر 2025)، زادت من التوتر ودفعت إلى هروب رؤوس الأموال.
تدهور حياة السوريين
هذا الانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية يعمق معاناة السوريين الذين يواجهون ارتفاع أسعار السلع الأساسية ونقص القدرة على تأمين حاجاتهم اليومية.
يأتي هذا التدهور في ظل حالة اقتصادية صعبة تعاني من تراجع الإنتاج ونقص السيولة في الأسواق، إضافة إلى الضغوط الخارجية والصراعات المستمرة التي عطلت البنية التحتية وأضعفت الاقتصاد. حسب تصريحات وزير الاقتصاد السوري د. محمد نضال الشعار، سوريا تسعى للانتقال إلى نظام سوق حر مع دور إيجابي للدولة لتصحيح التشوهات، لكن الاقتصاد السوري يبقى “معقدا” ويحتاج لنموذج خاص يتناسب مع الظروف المحلية الحالية.
تفاقم انهيار الليرة
وأدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية، مع ارتفاع معدل التضخم ومسألة الغذاء والصحة التي أصبحت تشكل هاجسا يوميا للسوريين. سعر الدولار وصل في السوق السوداء إلى 11650 ليرة للشراء في دمشق، مع تباين في الأسعار بين مختلف المحافظات، مما يعكس حالة من عدم الاستقرار والتذبذب في الأسواق المالية، وسط اجراءات متباينة للبنك المركزي للسيطرة على سعر الصرف الرسمي عند أسعار أقل بكثير.
وهناك من 6.5 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة 100% منذ بداية 2025.
ويشعر السوريون بمرارة هذا الانهيار نتيجة عدم القدرة على شراء الاحتياجات الأساسية من الغذاء والدواء، في حين لا تزال مصادر الدخل محدودة، والفقر ينتشر بسرعة. يعاني كثير من الأسر من نقص في الطعام والموارد، وسط صمت رسمي نسبي وعدم توفر حلول فورية ترفع من معاناتهم.
أبرز تأكيدات المسؤولين تكمن في السعي لإعادة هيكلة الاقتصاد السوري وتشجيع القطاع الخاص ومنح أدوات نقدية لمصرف سوريا المركزي لتعزيز الاستقرار النقدي، إلا أن معاناة المواطنين على الأرض ما تزال كبيرة، مع تهديد بزيادة موجات الفقر والجوع.
ويبقى السؤال مطروحا حول مدى قدرة الحكومة على مواجهة هذه التحديات الاقتصادية والمالية، وكيف سيؤثر استمرار انهيار الليرة على الاستقرار الاجتماعي والسياسي في سوريا، في وقت يحتاج السوريون فيه إلى دعم فوري وتدابير تضمن لهم العيش الكريم وسط هذه الأزمة العميقة.










