في خطوة دبلوماسية بارزة، ندد مجلس الأمن الدولي، اليوم الخميس، بالهجوم الذي استهدف العاصمة القطرية الدوحة مؤخرا، والذي وجهت فيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل، دون أن يذكر اسمها صراحة في البيان الرسمي الذي وافقت عليه جميع الدول الأعضاء الـ15، بما فيها الولايات المتحدة، الحليف الوثيق لتل أبيب.
بيان مجلس الأمن: تنديد غير مباشر ودعم صريح للدوحة
وجاء في البيان، الذي صاغته بريطانيا وفرنسا، أن “أعضاء المجلس شددوا على أهمية خفض التصعيد، وأعربوا عن تضامنهم مع دولة قطر”. كما أكد المجلس على “دعم سيادة قطر وسلامة أراضيها”، في تأكيد واضح على رفض المساس بالأمن القطري، واعتبار الهجوم انتهاكا خطيرا لسيادة دولة تلعب دورا محوريا في الوساطات الإقليمية.
وأضاف البيان أن المجلس يضع في صلب أولوياته “إطلاق سراح الرهائن، بمن فيهم من قتلتهم حماس، وإنهاء الحرب والمعاناة في قطاع غزة”، مشددا على ضرورة التوصل إلى تسوية تنهي دوامة العنف.
تفاصيل الهجوم على الدوحة
وكانت إسرائيل قد شنت ضربة جوية دقيقة استهدفت اجتماعا لقادة من حركة حماس في أحد أحياء العاصمة القطرية الدوحة، أسفرت عن مقتل ستة أشخاص، من بينهم نجل القيادي البارز خليل الحية، وأربعة من مرافقي الوفد، إضافة إلى عنصر من الأمن القطري الداخلي، في تطور خطير يعد الأول من نوعه داخل دولة ذات سيادة تشارك في جهود التهدئة.
وكشفت قناة “12” الإسرائيلية أن معظم القادة المستهدفين نجوا من الهجوم، وفي مقدمتهم خليل الحية وخالد مشعل، وهما من أبرز الوجوه السياسية لحركة حماس خارج غزة.
قطر: امتنـان وغضب
من جانبها، أعربت دولة قطر عن امتنانها للدول والمنظمات التي سارعت إلى إدانة ما وصفته بـ”العدوان الإسرائيلي”، مؤكدة أن الهجوم يشكل تهديدا خطيرا لدورها كوسيط نزيه، ويعرض أمنها الداخلي للخطر.
واعتبرت الدوحة أن الهجوم يعد سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، محذرة من تداعياته على جهود الوساطة التي تبذلها بالتعاون مع مصر والأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في غزة.
موقف إسرائيل: لا حصانة لقادة حماس
في جلسة مجلس الأمن، اتخذ مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، داني دانون، موقفا متشددا، حيث اتهم قطر بـ”توفير ملاذ آمن للإرهابيين”، في إشارة إلى قادة حماس الموجودين على أراضيها، قائلا إن “قادة حماس في الدوحة هم من دبروا الإرهاب، ولا حصانة لهم أينما وجدوا”.
وأكد دانون أن إسرائيل “ستلاحق قادة الإرهاب في الأنفاق أو الفنادق”، مطالبا قطر بإدانة “ممارسات حماس” وطرد قادتها من البلاد.
موقف الولايات المتحدة: الهجوم لن يتكرر
بدورها، قالت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، دوروثي شيا، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغ أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن الهجوم الإسرائيلي لن يتكرر، رغم ما وصفته بـ”الطبيعة المؤلمة” للهجوم.
وأضافت شيا أن “ترامب يرى في الحادث فرصة للسلام”، مشددة في الوقت ذاته على ضرورة القضاء على حركة حماس في غزة، وضرورة ضغط مجلس الأمن عليها “بدلا من منحها الشرعية”، على حد قولها.
وأكدت الولايات المتحدة استمرار جهودها في الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة، مؤكدة التزامها بحل سياسي شامل ينهي الصراع.
قراءة في البيان الأممي: توازن بين الحلفاء والتصعيد
البيان الأممي جاء بصيغة محسوبة، أدان الهجوم بشكل غير مباشر، وتجنب تسمية إسرائيل تجنبا لتأزيم العلاقات داخل المجلس، لكنه دعم بشكل صريح سيادة قطر، وهو ما يعكس توازنا دقيقا بين الحلفاء الغربيين، وحرصا على عدم المساس بوحدة الموقف الدولي في ظل تعقيد المشهد الإقليمي.
كما يظهر البيان إصرار مجلس الأمن على الإبقاء على جهود الوساطة القطرية في غزة، ورفض زعزعة استقرار الدول التي تلعب دورا حاسما في التهدئة، ما يعد رسالة مباشرة إلى إسرائيل مفادها أن تحييد الوسطاء ليس مقبولا.










