كشفت مصادر سورية مطلعة لـ المنشر الاخباري عن عقد اجتماع رسمي لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، جرى فيه طرح اسم الشيخ أحمد معاذ الخطيب كمرشح محتمل لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية، في خطوة توصف بأنها انقلاب داخلي على النفوذ السياسي لـ أحمد الشرع (المعروف إعلاميا بـ”الجولاني”)، القائد العسكري الفعلي للمرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
من الثورة إلى التنافس على الحكم
يأتي هذا التحرك السياسي من جماعة الإخوان في سياق إعادة تشكيل الخريطة السياسية في سوريا، بعد الانهيار الدراماتيكي للنظام السابق، وصعود قوى المعارضة إلى سدة الحكم.
ومع غياب التوافق الكامل حول شكل النظام الجديد، بدأت الجماعة – التي تتمتع بنفوذ واسع في أوساط المعارضة الخارجية – تسعى إلى ترسيخ موقعها عبر تقديم وجه معتدل قادر على التفاوض داخليا وخارجيا.
ويعد ترشيح معاذ الخطيب محاولة لإعادة تموضع الإخوان كقوة “توافقية” بدلا من صورتهم التاريخية كجماعة عقائدية مثيرة للجدل، خصوصا في ظل التحفظات المحلية والدولية تجاههم.
معاذ الخطيب: مرشح الاعتدال في عيون الإخوان
أحمد معاذ الخطيب، من مواليد دمشق 1960، هو شخصية دينية وسياسية تحظى باحترام في الأوساط السنية السورية، وسبق أن شغل منصب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية عام 2012، بدعم غير مباشر من الإخوان. رغم عدم عضويته الرسمية في الجماعة، إلا أن علاقته التاريخية معها – خاصة مع التيار المعتدل الذي يقوده الشيخ عصام العطار – تجعل منه خيارا استراتيجيا يمكن “تسويقه” داخليا وخارجيا.
الخطيب عرف بمواقفه المعتدلة، ودعوته لحوار وطني شامل، ورفضه للطائفية، ما يعزز صورته كـ”مرشح وسطي” يمكن أن يطمئن القوى الغربية، ويخفف من تخوفات الأقليات والفصائل العلمانية والكردية.
الصراع داخل المعارضة: الشرع مقابل الإخوان
بحسب المصادر، فإن خطوة ترشيح الخطيب تأتي في ظل توتر مكتوم بين جناح أحمد الشرع (الجولاني) الذي يسيطر على السلطة، وجماعة الإخوان التي تسعى لإعادة الاعتبار السياسي لها بعد سنوات من التهميش.
وبينما يروج الشرع لشخصيات من داخل الائتلاف السابق مثل هادي البحرة أو رياض حجاب، تفضل جماعة الإخوان مرشحا محسوبا على الإسلام السياسي.
وتشير بعض التسريبات إلى أن الإخوان يعتزمون إطلاق حملة ضغط إقليمي ودولي لدعم الخطيب، بالتعاون مع شخصيات إسلامية وقنوات إعلامية مؤثرة.
مواقف وتحديات أمام ترشيح الخطيب
رغم السمعة المقبولة التي يتمتع بها الخطيب، إلا أن ترشيحه قد يواجه عدة تحديات رفض الفصائل الكردية التي ترى في ترشيح أي شخصية مدعومة من الإخوان تهديدا لحقوقها السياسية والإدارية.
وكذلك تحفظات التيارات العلمانية على أي عودة محتملة للإسلام السياسي إلى السلطة.
والعقبة الأبرز رفض داخلي في معسكر الشرع الذي يرى في الخطوة محاولة لإضعاف دوره في المرحلة الانتقالية.
بالإضافة إلى ذلك، القلق الإقليمي والدولي من تحول سوريا إلى ساحة نفوذ جديدة للإسلاميين، في ظل هشاشة الوضع الأمني والمؤسساتي.
رسائل الخطيب الأخيرة: تحضير للمرحلة القادمة؟
في أغسطس 2025، نشر الخطيب بيانا حذر فيه من “تفكك سوريا”، داعيا إلى رؤية وطنية جامعة تحفظ كرامة السوريين وتؤسس لدولة ديمقراطية مدنية. واعتبر هذا البيان بمثابة “عرض برنامج رئاسي غير مباشر”، يعكس استعداده لتحمل مسؤولية المرحلة الانتقالية.
المرحلة الانتقالية: بين حكومة البشير وتحالفات متغيرة
منذ إعلان سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، يحتفظ أحمد الشرع بالقوة العسكرية والنفوذ الأمني. وفي هذا السياق، يشكل البحث عن رئيس انتقالي مدني “توافقي” ضرورة وطنية ودولية، وهو ما تسعى جماعة الإخوان بالدفع بـ معاذ الخطيب.
خاتمة: هل يجمع السوريون على شخصية جامعة؟
يبقى السؤال المفتوح: هل يستطيع معاذ الخطيب فعلا أن يكون مرشح التوافق الوطني في سوريا الجديدة؟
وإن تم ترشيحه رسميا، فهل ينجح في تخطي التوازنات المعقدة بين القوى العسكرية، والتيارات السياسية، والتحفظات الإقليمية؟
وهل تخلت جماعة الإخوان عن دور “القوة الخفية” لصالح مشروع واضح المعالم في سوريا؟
كل ذلك سيحسم في الأسابيع المقبلة، مع اقتراب عقد المؤتمر الوطني الانتقالي، حيث ستحدد ملامح النظام السوري القادم.










