في الوقت الذي يلفّ الغموض مستقبل القيادة العليا في إيران، تزداد التكهنات في الأوساط السياسية والدينية حول هوية خليفة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، السيد علي خامنئي، الذي يبلغ من العمر 86 عامًا. تصاعدت هذه النقاشات على خلفية اختفاء خامنئي عن الظهور العلني خلال “حرب 12 يومًا” مع إسرائيل، ما دفع البعض إلى الاعتقاد بأن التحضيرات لمرحلة ما بعده بدأت بالفعل خلف الكواليس.
كشف تقرير موقع “إيرا واير” عن 5 مرشحين لخلافة خامنئي في منصب المرشد الإيراني، وهي تشكل أسماء مفاجئة في التوقيت الحالي.
من هو الخليفة القادم؟
خمسة أسماء تتردد بقوة في التقارير السياسية الإيرانية والدوائر الإعلامية المقربة من النظام، معظمهم من رجال الدين المحافظين المرتبطين بمؤسسات السلطة والقيادة، ويتشاركون في رفضهم للغرب، ودعوتهم لولاية فقيه قوية، وتركيزهم على الأمن والانضباط العقائدي.
علي رضا أعرافي: فقيه المؤسسة وبوابة “الشرق”
مدير الحوزات العلمية في البلاد، وعضو مجلس صيانة الدستور، ويمتلك سجلًا طويلًا من التعيينات المباشرة من خامنئي. زيارته البارزة إلى موسكو عام 1403، واهتمامه بالعلاقات الاستراتيجية مع روسيا، جعلت اسمه ضمن أبرز المرشحين المحتملين. يروج لفكر “التماسك في وجه الانقسام”، ويرى أن الثورة الإسلامية “أحيت الإيمان”، رغم اعترافه بـ”خسارة المعاقل” داخليًا.
محمد مهدي ميرباقري: فقيه الرؤية المهدوية
رئيس أكاديمية قم للعلوم الإسلامية، وصاحب خطاب متشدد يرى أن “مقتل نصف البشرية قد يكون ثمنًا مقبولًا للتقرب من الله”. يعتبر الجمهورية الإسلامية جزءًا من خطة إلهية كونية، ويؤمن بأن الصراع مع “الكفر” لا يمكن تجنبه. يرفض النموذج الغربي بشكل جذري، ويدعو إلى نموذج حكم شمولي تحت سلطة ولاية الفقيه، يتم فيه فرض الحجاب وتقييد الحريات بدعوى “حماية الهوية الإسلامية”.
أحمد حسيني خراساني: صوت العقلية التقليدية
فقيه هادئ ومن الشخصيات الأقل صخبًا، لكنه بارز في مجلس صيانة الدستور ومجلس خبراء القيادة. يعتبر الاستقلال أهم إنجازات الثورة، ويؤمن بقوة الحرس الثوري كعماد للسلطة. لا يخفي عداءه للغرب، لكنه يُظهر أحيانًا ملامح نقد ذاتي، داعيًا المسؤولين للاعتراف بالقصور الداخلي، ويشيد ببساطة إبراهيم رئيسي كنموذج “مرضيّ عنه شعبيًا”.
محمد رضا مدرسي يزدي: فقيه معادٍ للغرب وللأقليات
عضو مجلس صيانة الدستور، وله علاقات غير مباشرة بعائلة لاريجاني النافذة. يشتهر بخطابه العدائي تجاه الغرب، وحقوق الإنسان، والأقليات الدينية. اعتبر شعار “المرأة، الحياة، الحرية” مجرد خدعة غربية، ورفض مشاركة غير المسلمين في إدارة الشؤون العامة. بعد احتجاجات 1401، وصف المتظاهرين بأنهم “طابور خامس للعدو”، ويعتبر الفساد جزءًا من مؤامرة خارجية.
حسن عاملي: رجل الدين الإقليمي الذي وصل إلى مشهد القيادة
إمام جمعة أردبيل وعضو مجلس خبراء القيادة، يمثل الصوت المتشدد في الشمال الإيراني. يشدد على أن القيادة “منصب إلهي”، ويعارض تمامًا أي نقاش حول صلاحيات الولي الفقيه. دخل دائرة الجدل بعد تصريحاته المسيئة لأذربيجان، ما دفع الرئيس الأذربيجاني للرد شخصيًا. ورغم محاولات التهدئة، ما زالت تصريحاته تُثير توترًا دبلوماسيًا.
الخلافة في ظل أزمة داخلية وخارجية
تُظهر التحركات الأخيرة أن النظام الإيراني يتعامل مع مرحلة ما بعد خامنئي بجدية أكبر، مع تكتم رسمي شديد، وتصاعد الاهتمام الشعبي والسياسي. ومع تصاعد الضغوط الداخلية واحتجاجات متكررة، والتوتر الإقليمي والدولي، ستكون شخصية القائد القادم حاسمة ليس فقط لمستقبل إيران، بل لاستقرار المنطقة بأكملها.
الخيارات المطروحة جميعها تلتقي عند خط مشترك: التشدد، العداء للغرب، وتعظيم دور الحرس الثوري وولاية الفقيه. إلا أن اختلاف الشخصيات بين الرمزية، والانغلاق العقائدي، والارتباط بمراكز القوة قد يُنتج معركة خفية على من سيخلف خامنئي، في وقت قد تكون فيه إيران على مفترق طرق.










