أثار الكاتب الإثيوبي – الصومالي عبد الرزاق ساهان جدلاً واسعاً بعد نشر مقال دعا فيه الحكومة الصومالية إلى “اتخاذ قرار استراتيجي” باختيار إثيوبيا كشريك إقليمي مفضّل على حساب مصر، واصفاً أديس أبابا بأنها “الخيار الطبيعي والواقعي” للصومال في ظل التحديات الجيوسياسية والأمنية في القرن الإفريقي.
العلاقة مع إثيوبيا: الجغرافيا والمصير المشترك
ساهان، الذي يُعرف بكتاباته الداعمة للتكامل الإقليمي في شرق إفريقيا، طرح في مقاله المنشور عبر عدة منصات محلية وإقليمية، مقارنة شاملة بين إثيوبيا ومصر من حيث العلاقات مع الصومال، مؤكدًا أن أديس أبابا تمتلك “أوراق القوة الحقيقية” لبناء شراكة استراتيجية مع مقديشو، منها:
الحدود المشتركة الطويلة والروابط الثقافية والاجتماعية المتجذّرة.
التعاون الأمني المتقدم ضد الجماعات الإرهابية، حيث شاركت إثيوبيا بقوات بشرية ضمن بعثات الاتحاد الإفريقي دون “مطالب سياسية مباشرة”.
السوق الإثيوبي الكبير (130 مليون نسمة) كفرصة اقتصادية نادرة للصادرات والاستثمار الصومالي.
القدرة على تصدير الكهرباء الرخيصة إلى الصومال وتعزيز مشاريع الطاقة العابرة للحدود.
انتقادات لدور مصر “الرمزي”
وفي المقابل، وجّه الكاتب انتقادات لاذعة إلى دور القاهرة، قائلاً إن “علاقات مصر بالصومال غالبًا ما تندرج ضمن إطار الخطابة الرمزية والبيانات السياسية”، دون تقديم دعم فعلي في ملفات الأمن أو الاقتصاد أو إعادة الإعمار منذ انهيار الدولة الصومالية في أوائل التسعينيات.
كما اتهم جامعة الدول العربية – التي تعد مصر أبرز مؤثريها – بأنها “تخدم بالدرجة الأولى المصالح المصرية”، ولا تعكس “الواقع الاستراتيجي للصومال”، بحسب وصفه.
رسالة موجهة للقيادة الصومالية
وفي خاتمة مقاله، وجه عبد الرزاق ساهان رسالة مباشرة إلى صناع القرار في مقديشو قائلاً:”الوقت قد حان لتغليب لغة المصالح الحقيقية على العواطف التاريخية. الصومال بحاجة إلى شركاء يدعمونه بالأفعال لا بالكلمات، والجغرافيا لا تُبدَّل. إثيوبيا مستعدة لفتح صفحة جديدة، والصومال عليه أن يختار مستقبله بوعي ومسؤولية.”
كما دعا الكاتب الإثيوبي، إلى تجاوز “خطاب العداء القديم” بين البلدين، مشدداً على ضرورة بناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل وتكامل المصالح، وتجنب التحالف مع أطراف “معادية” لأي من الجانبين.
يأتي هذا المقال في وقت يتصاعد فيه التوتر الإقليمي بعد توقيع مذكرة تفاهم مثيرة للجدل بين إثيوبيا وإقليم “أرض الصومال”، بشأن استخدام ميناء بحري، وهو ما رفضته مقديشو رسميًا واعتبرته انتهاكًا لسيادتها. كما زاد التنافس المصري – الإثيوبي في القرن الإفريقي منذ تفاقم أزمة سد النهضة، ما يجعل الصومال ساحة محتملة لصراع النفوذ بين القوتين.










