نفى وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، اليوم السبت، أن تكون جمهورية مالي قد تقدمت بشكوى رسمية ضد الجزائر أمام محكمة العدل الدولية، على خلفية حادثة إسقاط طائرة مسيرة تابعة للجيش المالي، نهاية شهر مارس الماضي قرب الحدود الجزائرية.
وفي مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة الجزائر، قال عطاف:”لا يوجد هناك أي طلب صادر عن مالي لدى المحكمة. لو كانت هناك شكوى من مالي ضدنا، لأبلغتنا محكمة العدل الدولية بذلك”.
وأكد الوزير أن الجزائر تواصلت مباشرة مع المحكمة فور تداول الخبر للتأكد من صحته، مضيفا:”تم إبلاغنا رسميا من المحكمة بعدم وجود أي شكوى أو طلب ضد الجزائر حتى هذه اللحظة”.
بيان مالي:
وكانت الحكومة الانتقالية في مالي قد أعلنت، في 4 سبتمبر الجاري، أنها أودعت شكوى رسمية لدى محكمة العدل الدولية، متهمة الجزائر بـ”تدمير متعمد” لطائرة استطلاع مسيرة تابعة لقواتها المسلحة. وأوضح بيان حكومة باماكو أن الهجوم وقع ليل 31 مارس إلى 1 أبريل 2025، في منطقة تينزاواتين بإقليم كيدال، واصفة الحادث بأنه “عمل عدائي متعمد”.
تصعيد دبلوماسي:
في أعقاب الحادث، شهدت العلاقات الجزائرية–المالية توترا متزايدا، حيث أغلقت الجزائر مجالها الجوي أمام الطائرات المالية، وهو ما ردت عليه باماكو بخطوة مماثلة في 7 أبريل. كما تبادلت الدولتان استدعاء السفراء للتشاور، في مؤشر واضح على تعقيد الوضع الدبلوماسي بين الجارتين.
الجزائر من جانبها، بررت إسقاط المسيرة بأنه جاء بعد “اختراق متكرر وخطير للمجال الجوي”، وأكدت وزارة الدفاع الجزائرية أن الطائرة كانت مسيرة استطلاعية مسلحة دخلت المجال الجوي قرب مدينة تين زاوتين، ما استدعى إسقاطها لحماية السيادة الوطنية.
ردود جزائرية على الاتهامات:
أعربت وزارة الخارجية الجزائرية في وقت سابق عن استغرابها من اتهامات الحكومة المالية، ووصفتها بأنها “مزاعم يائسة” تفتقر إلى أي جدية، مؤكدة أن الجزائر لا تحتاج لتبرير سجلها في مكافحة الإرهاب، وأنها كانت دائما من أبرز الداعمين لأمن منطقة الساحل.
وقالت الخارجية الجزائرية إن حادثة اختراق المسيرة لم تكن الأولى، حيث تم تسجيل حالتين مماثلتين خلال الأشهر الماضية، وهو ما دفع الجزائر إلى تعزيز مراقبة مجالها الجوي في المناطق الحدودية الجنوبية.
خلفية الصراع:
تأتي هذه التطورات في ظل توترات إقليمية متزايدة، لا سيما بعد تشكيل كونفدرالية دول الساحل (مالي، النيجر، بوركينا فاسو) التي تتخذ مواقف متقاربة تجاه فرنسا والدول الغربية، بينما تتبنى الجزائر موقفا مستقلا في سياستها الإقليمية، خصوصا فيما يتعلق بملف الحركات المسلحة في شمال مالي.
وكانت الجزائر قد استضافت مرارا مفاوضات بين الحكومة المالية وحركات الطوارق، ما أثار حفيظة باماكو التي تتهم الجزائر بدعم “قوى انفصالية”، وهي اتهامات نفتها الجزائر بشدة.
رغم إعلان مالي تقديم شكوى إلى محكمة العدل الدولية، فإن الجزائر تنفي رسميا تلقي أي إخطار من المحكمة الدولية، ما يفتح باب التساؤلات حول مدى جدية الخطوة المالية، وحول مسار العلاقات الثنائية التي تشهد واحدة من أكبر الأزمات منذ سنوات بين البلدين الجارين.










