في اعتراف نادر يثير جدلا واسعا، أقر رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، هرتسي هاليفي، بأن الجيش الإسرائيلي تسبب في مقتل أو إصابة أكثر من 200 ألف فلسطيني منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، وهو ما يعادل أكثر من 10% من سكان القطاع.
تصريحات مثيرة للجدل
وخلال لقاء جمعه بسكان مستوطنة عين هابسور جنوبي إسرائيل، قال هاليفي إن الجيش “حسم الأمور منذ الدقيقة الأولى”، لكنه أضاف:”للأسف، لم نفعل ذلك مسبقا. كان يجب أن نتصرف بحزم أكبر قبل هجوم حماس.”
التصريحات التي نشرها موقع “Ynet” الإسرائيلي، وصفت بأنها تتماشى مع الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة في غزة، التي وثقت حتى الآن 64,718 شهيدا و163,859 جريحا، رغم أن الحكومة الإسرائيلية كانت تشكك علنا في هذه الأرقام وتعتبرها “دعاية لحماس”.
غير أن وكالات إغاثة دولية كالأمم المتحدة والصليب الأحمر أكدت موثوقية هذه الأرقام، مشيرة إلى أن آلاف الضحايا لا يزالون تحت الأنقاض، في ظل دمار هائل لحق بالبنية التحتية في القطاع.
لا قيود قانونية على العمليات
هاليفي، الذي تنحى عن رئاسة الأركان في مارس 2025، قاد الجيش خلال أكثر من 17 شهرا من الحرب، وأكد في تصريحاته أن المحامين العسكريين لم يقيدوا العمليات القتالية، بل كان دورهم ينحصر في توفير الغطاء القانوني للجيش أمام المجتمع الدولي.
وقال:
“الاستشارات القانونية لم تؤثر على الميدان. كنا نحصل على الدعم القانوني فقط كي نبرر تحركاتنا لاحقا.”
هذا التصريح يأتي وسط تزايد الضغوط على إسرائيل في المحاكم الدولية، بما في ذلك قضايا محتملة أمام المحكمة الجنائية الدولية تتعلق بجرائم حرب، واستهداف المدنيين، والمرافق الحيوية.
آخر التطورات الميدانية
تزامنت تصريحات هاليفي مع تقارير تفيد بأن الجيش الإسرائيلي شن خلال الساعات الماضية أكثر من 500 غارة على القطاع، في خمس موجات متتالية، أسفرت عن مقتل 65 فلسطينيا في يوم واحد، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال.
وذكرت مصادر طبية في غزة أن المستشفيات باتت عاجزة عن استقبال المزيد من الجرحى، في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية، ونفاد الإمدادات الطبية.
دلالات الاعتراف
يعد هذا الاعتراف العلني من هاليفي تأكيدا رسميا لحجم الكارثة الإنسانية في غزة، وهو ما قد يعزز من المطالبات الدولية بفتح تحقيقات مستقلة في الانتهاكات المرتكبة خلال الحرب.
ويشير مراقبون إلى أن تصريحات رئيس الأركان السابق قد تشكل إحراجا سياسيا للحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تصر على أن العمليات العسكرية في غزة “تستهدف الإرهابيين فقط”، متجاهلة حجم الخسائر في صفوف المدنيين.
الوضع الإنساني في غزة
مع اقتراب الحرب من عامها الثاني، تعاني غزة من كارثة إنسانية شاملة تشمل تدمير أكثر من 70% من المباني السكنية، وانعدام الأمن الغذائي لنحو 80% من السكان.
وشلل في القطاعات التعليمية والصحية والخدمية، استمرار الحصار المفروض من قبل إسرائيل.
تصريحات هاليفي تسلط الضوء على البعد الكارثي للصراع في غزة، وتطرح تساؤلات حقيقية حول أخلاقيات الحرب وأهدافها السياسية والعسكرية. ومع اقتراب الحرب من ذكراها السنوية الثانية، تتزايد الدعوات الدولية لإنهاء القتال والدخول في حل سياسي شامل يعيد الحياة للقطاع المنكوب.










