كشفت مؤسسة جيمستاون البحثية الأميركية في تقرير جديد أعدته الصحفية والإعلامية هديل عويس، أن فصيلي “فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات) و“فرقة الحمزة” (الحمزات)، المدعومين من تركيا، يواصلان العمل بشكل مستقل وخارج إطار “الجيش السوري الجديد”، الذي يجري الحديث عن تشكيله بعد انهيار نظام بشار الأسد.
ووفق التقرير، تحتفظ الفصيلتان بروابط مالية ولوجستية مباشرة مع تركيا، ما يشير إلى رغبة أنقرة في الاحتفاظ بولائهما الحصري كأدوات عسكرية بالوكالة، بدلا من دمجهما في الكيان العسكري السوري الجديد.
تمويل متزايد وانفصال مؤسسي
أحد أفراد الميليشيات صرح للمركز أن الرواتب زادت بنسبة 50% بعد سقوط النظام، ما يعكس توجها تركيا واضحا لتعزيز التبعية والانفصال عن أي قيادة وطنية سورية مستقبلية.
كما عقدت المخابرات التركية اجتماعات مكثفة مع قادة فصائل “الجيش الوطني”، لإقناعهم بالانفصال التام عن “وزارة الدفاع السورية” في الحكومة الانتقالية، تزامنا مع إنشاء قواعد عسكرية تركية جديدة قرب مدينة حلب.
وأشار التقرير إلى وجود ضابط ارتباط تركي يعرف باسم “العقيد سامي”، يشرف على تنسيق هذه القوات، وقد وصف الحكومة السورية الجديدة في أحد الاجتماعات المغلقة بأنها “وطنية”، لكن أكد في الوقت ذاته أن “الجيش الوطني السوري” يبقى “مشروعا تركيا”.
دور إقليمي أوسع
لا تقتصر علاقة تركيا بالفصيلين على الساحة السورية فحسب، بل امتدت إلى خارج الحدود. حيث نشر مقاتلو العمشات والحمزات كمرتزقة في ليبيا وأذربيجان خلال الأعوام الماضية، في إطار استراتيجية تركية أوسع لاستخدام الميليشيات الموالية في صراعات إقليمية تخدم مصالحها.
واشنطن تتهم فرقة الحمزة وسليمان شاه بارتكاب مجازر الساحل السوري
محمد الجاسم أبو عمشة: من حرامي الزيتون إلى وجه بارز في النظام الجديد بسوريا
انتهاكات جسيمة
أشار التقرير إلى تورط العمشات والحمزات في انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، تشمل التطهير العرقي، والاعتداءات الجنسية، والقتل خارج نطاق القانون. وذكر التقرير بتقارير أممية وحقوقية وثقت استهداف الفصيلين لمدنيين أكراد وعلويين ودروز، بما في ذلك مجازر في الساحل السوري (مارس/آذار) والسويداء (يوليو/تموز).
وقد فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على الفصيلين وقادتهما، على خلفية هذه الانتهاكات المستمرة.
داعش يخترق الجيش السوري التابع للشرع وينذر بمواجهة مفتوحة “فيديو”
مسؤل أمريكى: حذرنا احمد الشرع وطالبناه بهيكلة الجيش
مخاطر على مستقبل سوريا
ترى مؤسسة جيمستاون أن استمرار بقاء الفصيلين خارج سيطرة الحكومة السورية الانتقالية بقيادة أحمد الشرع، يهدد جهود إعادة بناء الاستقرار، ويضعف قدرة الدولة الجديدة على فرض سيادتها الأمنية.
كما يمنح أنقرة ورقة ضغط استراتيجية، سواء داخل سوريا أو عبر استخدام الميليشيات كقوة مرتزقة في ساحات نزاع إقليمي أخرى.
احتمالات إعادة الاستيعاب
ورغم التعقيدات، يشير التقرير إلى احتمال حدوث تحول سياسي في حال رفعت العقوبات الأميركية عن سوريا، خاصة في عهد إدارة أميركية مثل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، مما قد يتيح لدمشق تقديم حوافز مالية ورواتب لاستعادة السيطرة على هذه الفصائل.
وتحذر “جيمستاون” من أن استمرار استقلالية “العمشات” و”الحمزات” يعمق الانقسام في المشهد السوري، ويعزز نفوذ أنقرة الإقليمي، على حساب الاستقرار والسيادة الوطنية، بينما تظل الانتهاكات الحقوقية نقطة سوداء في سجل الفصيلين، قد تعقد أي عملية مصالحة أو إعادة دمج مستقبلية.










