في إطار مساعي الحكومة السورية الانتقالية لإعادة بناء الثقة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، التقى وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، اليوم الأحد، وفدا من وجهاء وأعيان المكون الشيعي في البلاد، وذلك في مقر الوزارة بالعاصمة دمشق، بحضور عدد من كبار مسؤولي الوزارة.
وأفادت وزارة الداخلية في بيان رسمي أن الاجتماع ركز على تعزيز الأمن والاستقرار، وتأكيد أهمية دور المواطنين في دعم مؤسسات الدولة، مشيرة إلى أن اللقاء يأتي ضمن سياسة الحكومة في الانفتاح على مختلف المكونات المجتمعية، بغية تعزيز التلاحم الوطني وتكريس الشراكة الشعبية في صنع القرار الأمني.
وشدد الوزير خطاب خلال الاجتماع على ضرورة استمرار التواصل مع كافة الفعاليات المجتمعية، مؤكدا أن استقرار سوريا في هذه المرحلة الدقيقة لا يمكن تحقيقه دون “نهج تشاركي يعيد الاعتبار لدور المواطنين في صياغة ملامح الأمن الجديد”.
لقاءات ضباط منشقين عن النظام
ويأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة اجتماعات يعقدها وزير الداخلية مع مكونات المجتمع السوري، كان أبرزها لقاء سابق جمعه مع ضباط منشقين عن النظام السابق، وذلك في سياق إعادة ترتيب البنية الأمنية للبلاد، ومناقشة أولويات المرحلة الانتقالية، وعلى رأسها تعزيز الانضباط، وتطوير الكوادر الأمنية، وتحسين مستوى الخدمات للمواطنين.
توازن في العلاقات الإقليمية
سياسيا، يندرج اللقاء أيضا في سياق رسائل تهدئة داخلية وخارجية تطلقها دمشق في المرحلة الانتقالية. ففي مقابلة حصرية بثتها قناة “الإخبارية” السورية في 12 سبتمبر الجاري، وصف الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع العلاقة مع إيران بأنها “عميقة الجرح”، في إشارة إلى تدخل طهران ودعمها للنظام السابق عبر ميليشيات مسلحة، لكنه أكد أن سوريا لا تسعى إلى قطيعة دائمة، بل إلى علاقات متوازنة مبنية على المصلحة الوطنية والسيادة.
وأكد الشرع أن سياسة سوريا الخارجية تسعى إلى “علاقات هادئة” دون الارتهان لأي محور، مشددا على أن السيادة الوطنية خط أحمر، وهو ما يعكس محاولة دمشق إعادة صياغة أولوياتها الإقليمية في ضوء التجربة القاسية خلال سنوات الحرب.
المرحلة الانتقالية: انفتاح داخلي وتوازن خارجي
وينظر إلى هذا التوجه الحكومي كجزء من تحول استراتيجي في إدارة المرحلة الانتقالية، تقوم على الانفتاح الداخلي على المكونات المجتمعية، وتفكيك إرث الانقسام الطائفي والسياسي، بالتوازي مع توجه خارجي حذر يعيد رسم العلاقات الإقليمية والدولية على أسس جديدة.
الجدير بالذكر أن الحكومة السورية المؤقتة تواجه تحديات كبيرة على صعيد إعادة بناء مؤسسات الدولة، ومعالجة الانقسامات العميقة التي خلفها الصراع المستمر منذ أكثر من عقد، بالإضافة إلى إعادة دمج المجتمع في عملية سياسية شاملة تؤسس لسوريا ما بعد الحرب.










