أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين اليوم، الثلاثاء 16 أيلول 2025، بيانا رسميا عقب الاجتماع الثلاثي المنعقد في قصر الشعب بدمشق، والذي جمع وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية، الدكتور أسعد حسن الشيباني، مع وزير الخارجية الأردني السيد أيمن الصفدي، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا السيد توماس باراك.
جاء الاجتماع في سياق التطورات الأمنية والإنسانية التي شهدتها محافظة السويداء خلال الأشهر الماضية، والتي بلغت ذروتها في تموز 2025، وأسفرت عن أحداث مؤسفة راح ضحيتها أكثر من 250 شخصا، بينهم مئات المدنيين، وفقا لتقارير حقوقية مستقلة، وعلى رأسها المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلنت الوزارة أن الاجتماع أثمر عن اعتماد “خارطة طريق ثلاثية” لحل الأزمة في السويداء واستعادة الاستقرار في جنوب البلاد، عبر سلسلة من التفاهمات والإجراءات التي تراعي وحدة الأراضي السورية، وسيادتها، واستقرارها، وحقوق كافة أبنائها.
أبرز ما جاء في بيان الوزارة وخارطة الطريق المعتمدة:
- سحب الأسلحة الثقيلة من جنوب سوريا:
أعلنت وزارة الخارجية، نقلا عن مسؤولين عسكريين، أن القوات المسلحة السورية سحبت الأسلحة الثقيلة من المناطق الجنوبية، بما في ذلك السويداء، وذلك استجابة لمتطلبات أمنية طرحتها عدة أطراف، بما في ذلك الجانب الإسرائيلي عبر الوساطة الأمريكية، مع تأكيد دمشق أن أي تخفيض عسكري لا يعني التخلي عن السيادة السورية على كامل أراضيها. - تفاهمات أمنية سورية – أمريكية – إسرائيلية:
أشارت الوزارة إلى أن الولايات المتحدة ستعمل، بالتشاور مع الحكومة السورية، على صياغة تفاهمات أمنية مع إسرائيل تخص جنوب سوريا، تضمن مصالح جميع الأطراف، دون المساس بوحدة وسيادة الجمهورية العربية السورية. وجاء ذلك بدعم أردني واضح، وبهدف منع أي تصعيد عسكري جديد في المنطقة بعد غارات إسرائيلية وقعت في يوليو استهدفت مواقع سورية. - إعادة الإعمار والمصالحة المحلية:
أعربت الحكومة السورية عن التزامها الكامل بإعادة بناء القرى المتضررة في محافظة السويداء، وتوفير مساعدات إنسانية مستمرة، إلى جانب تشكيل مجلس محلي في المحافظة، يضم ممثلين عن كافة المكونات المجتمعية، ليقود جهود المصالحة بالتنسيق مع الحكومة المركزية في دمشق. - آلية تنفيذ مشتركة:
تم الاتفاق على تشكيل آلية مراقبة ثلاثية (سوريا – الأردن – الولايات المتحدة) لمتابعة تنفيذ مراحل خارطة الطريق، تشمل:
مراقبة الوضع الأمني والمدني.
نشر قوات أمن داخلي محلية مدربة.
حماية الطرق الحيوية.
متابعة ملفات المفقودين والمعتقلين.
نص خارطة الطريق (ملخص رسمي):
تؤكد الجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية والولايات المتحدة الأمريكية أن استقرار سوريا وأمنها وازدهارها يمثل أساسا لاستقرار المنطقة برمتها. وتلتزم الدول الثلاث بالعمل المشترك لدعم مستقبل سوريا الموحد والآمن، الذي يحترم حقوق جميع السوريين دون استثناء، ويرسخ قيم المساواة، والمواطنة، والتمثيل العادل.
ستعمل الأطراف الثلاثة على:
دعم جهود بناء مؤسسات سورية جامعة.
تعزيز عملية سياسية شاملة بقيادة سورية.
مكافحة الإرهاب والتطرف.
دعم عمليات المصالحة المجتمعية.
ضمان عدم تقسيم الأراضي السورية أو استفراد أي طرف بها.
تصريحات المشاركين:
وزير الخارجية السوري – أسعد الشيباني:
“نتعامل مع هذه المرحلة بروح وطنية مسؤولة، منفتحة على شراكات تحفظ سيادة سوريا وتعيد الاستقرار إلى الجنوب، خاصة محافظة السويداء التي كانت وستبقى جزءا أصيلا من الوطن.”
وزير الخارجية الأردني – أيمن الصفدي:
“أمن سوريا واستقرارها من أمن الأردن، ونحن نرفض محاولات العبث بوحدتها أو بث الفتن فيها. وندين بشدة الاعتداءات الإسرائيلية التي لا تسهم إلا في تأزيم الموقف.”
المبعوث الأمريكي – توماس باراك:
“هذه الخطة تمثل خطوة نوعية نحو استعادة الاستقرار في جنوب سوريا، ونتطلع إلى شراكة طويلة الأمد تعود بالفائدة على الشعب السوري والمنطقة ككل.”
السياق الأوسع:
يأتي هذا الاتفاق في ظل مرحلة انتقالية حساسة تمر بها سوريا، عقب سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وتزايد المخاوف من تصاعد نفوذ جماعات إسلامية مسلحة. وقد عززت إسرائيل من انتشارها العسكري في الجولان المحتل، في وقت تشير فيه تقارير إلى دعمها لمجموعات مسلحة درزية داخل السويداء، ما زاد من تعقيد المشهد.
في المقابل، يرى الأردن أن أي فوضى جنوب سوريا ستهدد أمنه الوطني، لا سيما في ظل نشاط فصائل مسلحة وقبائل بدوية عابرة للحدود.
تمثل خارطة الطريق المعلنة اليوم بارقة أمل جديدة لاستعادة الاستقرار في محافظة السويداء وجنوب سوريا، في إطار تفاهمات دولية نادرة بين دمشق وواشنطن وعمان. غير أن نجاح الخطة سيبقى مرهونا بالتنفيذ العملي على الأرض، وقدرة الأطراف المعنية على تجاوز عقبات الماضي وضغوط الحاضر.










