كشفت صور الأقمار الصناعية الأخيرة عن ارتفاع ملحوظ في منسوب النيل الأزرق في السودان، بالتزامن مع نهاية شهر أغسطس، وذلك بعد اكتمال ملء بحيرة سد النهضة الإثيوبي وبدء تشغيل المفيض العلوي.
ووفقا للبيانات المرصودة، فإن تصريف المياه من سد النهضة يتم حاليا عبر أربع بوابات من المفيض العلوي، مع استمرار تصريف جزئي من مفيض الممر الأوسط، الذي يتوقع أن يتوقف قريبا، لتصبح بوابات المفيض العلوي المصدر الأساسي لتصريف الإيراد اليومي من مياه الأمطار، إلى حين تشغيل التوربينات. ومع توقف موسم الأمطار، ستصبح التوربينات هي المسار الوحيد لتصريف المياه.
ارتفاع منسوب بحيرة ناصر
في مصر، بدأ السد العالي في استقبال تدفقات النيل الأزرق، إضافة إلى المياه الواردة من النيل الأبيض (الذي يستمر تدفقه طوال العام)، وذلك منذ بداية سبتمبر الجاري. وتشير البيانات إلى أن منسوب بحيرة ناصر ارتفع بنحو 75 سنتيمترا خلال الفترة من 1 إلى 11 سبتمبر، وهو ما يعادل تقريبا 4 مليارات متر مكعب من المياه.
وقد صاحب هذا الارتفاع استهلاك مائي داخلي خلال نفس الفترة يقدر بنحو 2 مليار متر مكعب، مما يعني أن التغيرات في بحيرة ناصر لا تزال في الحدود الآمنة والمطمئنة، بحسب مصادر رسمية.
تحديات فنية في السودان بسبب غياب التنسيق
وعلى الرغم من الاستقرار النسبي في بحيرة ناصر، إلا أن غياب التنسيق والمعلومات الدقيقة حول عمليات التشغيل في سد النهضة، سواء ما يتعلق بفتح أو غلق بوابات المفيض أو تشغيل التوربينات، يتسبب في ارتباك كبير في تشغيل السدود السودانية، خاصة سد الروصيرص الواقع على بعد 100 كيلومتر فقط من سد النهضة، والذي لا تتعدى بحيرته 10 كيلومترات.
هذا الارتباك الفني، في ظل غياب الشفافية، قد يؤثر سلبا على إدارة الموارد المائية في السودان، ويزيد من صعوبة التخطيط الزراعي والمائي، لا سيما خلال الفترات الانتقالية بين موسم الفيضان وموسم التحول إلى الري الدائم.
الحاجة إلى شفافية وتشغيل منسق
رغم طمأنينة الموقف المائي الحالي في مصر، خصوصا بفضل القدرة التخزينية الضخمة لبحيرة ناصر، إلا أن غياب المعلومات الواضحة من الجانب الإثيوبي فيما يتعلق بتشغيل سد النهضة، لا يزال يمثل تحديا كبيرا، ويؤثر على دقة التخطيط للزراعة والري في دولتي المصب، مصر والسودان.
وقد شددت مصادر مائية مطلعة على ضرورة إرساء آلية للتنسيق وتبادل المعلومات بين الأطراف الثلاثة (مصر، السودان، إثيوبيا) لتفادي الأضرار المحتملة وتحقيق الاستخدام العادل والمنصف لمياه النيل وفقا للاتفاقات الدولية والمبادئ التعاونية.










