كشف الرئيس السوري أحمد الشرع، الأربعاء، عن إمكانية التوصل إلى نتائج قريبة في إطار المحادثات الأمنية الجارية بين سوريا وإسرائيل، مشدداً على أن أي اتفاق محتمل يجب أن يحترم المجال الجوي السوري ووحدة الأراضي السورية، ويخضع لرقابة الأمم المتحدة.
وقال الشرع، في تصريح صحفي من العاصمة دمشق، إن “الاتفاقية الأمنية مع إسرائيل ضرورية، ولكن يجب أن تراعي السيادة السورية بشكل كامل”. وأضاف أن “السلام والتطبيع ليسا مطروحين حالياً، وأن ما يجري هو محادثات أمنية بحتة”.
مفاوضات تحت أعين العالم.. وبوساطة أمريكية
من المقرر أن يُعقد اجتماع أمني بين الجانبين، الخميس المقبل، في باكو عاصمة أذربيجان، ويُشارك فيه وسطاء دوليون، أبرزهم المبعوث الأمريكي توم باراك، ضمن إطار محادثات ثلاثية تضم أيضاً وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.
وذكرت مصادر مطلعة أن المحادثات لم تخرج حتى الآن عن الطابع الأمني، دون الدخول في ملفات سياسية مثل التطبيع أو معاهدة سلام شاملة، في ظل رفض سوري واضح لفتح هذه الملفات في الوقت الحالي.
مقترح إسرائيلي: تقسيم المناطق ونزع سلاح تدريجي
بحسب ما نشره موقع أكسيوس الأمريكي، فإن إسرائيل قدّمت مقترح اتفاقية أمنية جديدة، يستند إلى النموذج المطبق في اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية (كامب ديفيد) عام 1979، والذي يقضي بتقسيم الأراضي إلى ثلاث مناطق أمنية مختلفة:
المنطقة الأولى (قريبة من الحدود): لا يُسمح فيها بأي تواجد عسكري أو أسلحة ثقيلة، بينما يُسمح فقط للشرطة وقوات الأمن الداخلي السورية بالتواجد فيها.
المنطقة الثانية والثالثة: يُسمح فيهما بوجود محدود للقوات السورية بمستويات متفاوتة من التسليح، وفقاً لبُعدها عن الحدود الإسرائيلية.
منطقة عازلة موسعة: ستُضاف مسافة 2 كيلومتر إضافية داخل الأراضي السورية لتكون جزءاً من المنطقة العازلة.
كما يتضمن الاقتراح الإسرائيلي فرض منطقة حظر جوي للطائرات السورية في كامل المنطقة الواقعة جنوب غرب دمشق وحتى الحدود.
مقابل هذه التنازلات، تقترح إسرائيل الانسحاب التدريجي من المناطق التي استولت عليها في الأشهر الأخيرة، باستثناء موقع استراتيجي على قمة جبل الشيخ، تصر على الاحتفاظ به لأسباب أمنية.
موقف دمشق: تحفظ وسيادة مشروطة
بحسب تصريحات الرئيس السوري، فإن دمشق لم ترد بعد رسمياً على المقترح الإسرائيلي، لكنها تعمل على إعداد مقترح مضاد، يُشدد على استعادة السيادة السورية الكاملة على الأراضي، ويعيد الوضع الأمني إلى ما كان عليه في اتفاق فصل القوات عام 1974.
وذكرت مصادر مطلعة لرويترز أن المقترح السوري يشمل:
انسحاب إسرائيل من المناطق التي دخلتها مؤخراً.
إعادة المنطقة العازلة لتكون منزوعة السلاح بالكامل كما كانت سابقاً.
وقف الغارات الجوية الإسرائيلية والتوغلات البرية في الجنوب السوري.
واشنطن تضغط لتقدم قبل الأمم المتحدة
أفادت وكالة رويترز أن واشنطن تسعى لتحقيق تقدم ملموس في المحادثات قبل موعد اجتماع قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك نهاية سبتمبر الجاري، حيث تأمل إدارة بايدن في تسجيل اختراق يُهدئ الجبهة الشمالية ويوفر بيئة أكثر استقراراً في الشرق الأوسط.
لكن مسؤولين مطلعين أشاروا إلى أن فرص اللقاء بين نتنياهو والشرع خلال الجمعية العامة “ضئيلة جداً” في ظل الخلافات القائمة، خاصة في ملفي جبل الشيخ والوجود العسكري الإسرائيلي الجوي.
سياق مضطرب وضغوط متزايدة
تأتي هذه المحادثات في وقت يشهد فيه الجنوب السوري اضطرابات طائفية ومواجهات مسلحة، وسط دعوات لتقسيم البلاد، مما يزيد من الضغوط على دمشق لدفع عملية التفاوض، رغم ضعف موقفها التفاوضي.
كما تواجه إسرائيل تحديات أمنية متزايدة على حدودها الشمالية، في ظل نشاط جماعات مسلحة وانكشاف حدودها مع سوريا ولبنان.
رغم تسارع المحادثات، أكد الرئيس السوري أن أي حديث عن تطبيع أو اتفاق سلام شامل مع إسرائيل “غير مطروح حالياً”، مشدداً على أن ما يجري هو خطوة تكتيكية تهدف إلى استعادة الأراضي وفرض تهدئة مشروطة، دون تقديم تنازلات في الثوابت الوطنية.










