شهدت العاصمة الفرنسية باريس يوم الخميس 18 سبتمبر 2025 مظاهرات حاشدة وتنظيم إضرابات شاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية، بدعوة من عدة نقابات عمالية قوية، احتجاجًا على خطة الميزانية التقشفية التي أعلنت عنها حكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو. هذه الحركة الاحتجاجية جاءت في ظل موجة اجتماعية وسياسية متصاعدة ترفض الإجراءات التي تعتمدها الحكومة لتقليص الدعم وتقليص الإنفاق الحكومي، في محاولة منها لتقليل العجز المالي للميزانية الذي وصل إلى مستويات قياسية.خلفية التحركات العماليةأصدرت ثماني نقابات عمالية كبرى في فرنسا، بينها النقابة العامة للعمال CGT ونقابة الموظفين CFDT، دعوات للإضراب والمظاهرات في العاصمة باريس ومناطق إيل دو فرانس، بالإضافة إلى عدة مدن فرنسية أخرى. هذه النقابات تندد بخطة الميزانية التي تفرض تخفيضات على الخدمات العامة، وتجميد الحوافز الاجتماعية، وإلغاء العطلات الرسمية، وتقليص النفقات الطبية، وسط توقعات بأن تصل تخفيضات الإنفاق إلى 43.8 مليار دولار.وكانت بداية التحركات قوية منذ بداية سبتمبر 2025، مع إضرابات تسببت في شلل شبه كامل لشبكة النقل العام في باريس، وتعليق خدمات المترو والقطارات والحافلات، إلى جانب إضرابات في القطاع الصحي والصيدليات، وامتدت إلى موظفي الدولة والقطاع الخاص.أجواء المظاهرات في باريسشاركت مئات آلاف العمال والمواطنين في طريقهم إلى شوارع باريس للمطالبة بالتراجع عن خطط التقشف، ورفعت اللافتات التي تعبّر عن رفضهم الشديد لسياسات حكومة بايرو التي يرونها ظالمة ومجحفة بحق الطبقة العاملة والمجتمع بشكل عام. وانتشرت نقاط التجمع في ساحات الجمهورية وباستيل، حيث نظمت خطب حماسية وأصوات الغضب تعالت ضد ما وصفته الشعوب بـ”ميزانية الألم”.كما رافقت المظاهرات تحركات لإغلاق الطرق والتقاطعات الحيوية داخل المدينة وأعمال عصيان مدني بتنظيم حركة “بلوكونز توت” (لنمنع كل شيء)، التي أعلنت عن تطبيق سلسلة إجراءات لتعطيل حركة المرور لأكبر قدر ممكن خلال أوقات ذروة السير.تأثيرات المقاطعة والإضراباتنتج عن المظاهرات وإضرابات النقل تعطيلات واسعة النطاق. أعلنت شركة السكك الحديدية SNCF عن خفض كبير في رحلات القطارات، خصوصًا في خطوط المسافات الطويلة وقطارات TGV السريعة. كما شهدت المطارات الدولية في باريس جزئيًا إضرابًا بحسب نقابات الطيارين ومراقبي الملاحة الجوية، إضافة إلى إضرابات في خدمات الصحة الأساسية ومرافق البلدية.ويخشى الخبراء من أن تستمر هذه الاضطرابات لفترة طويلة مما قد يؤثر سلبًا على البيئة الاقتصادية ويهدد تعافي السوق المحلية التي لا تزال متأثرة بجائحة كورونا وتعقيدات الاقتصاد العالمي.المطالب العمالية والرد الحكوميتطالب النقابات العمالية بإلغاء خطط التقشف، وزيادة الدعم للطبقات المتوسطة والفقيرة، وتحسين شروط العمل، مع تعزيز الاستثمار في الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية. وترى النقابات أن هذه السياسات الحكومية ستؤدي إلى زيادة معدلات الفقر وتفاقم التفاوت الاجتماعي.في المقابل، تدافع الحكومة الفرنسية عن هذه الخطة بأنها ضرورية لإعادة التوازن المالي للبلاد، وتحذر من مخاطر استمرار العجز الذي قد يؤدي إلى ضغوط اقتصادية أشد. كما تشير إلى ضرورة تنفيذ الإصلاحات لضمان استدامة النظام الاجتماعي والاقتصادي في فرنسا.










