في تصريحات مثيرة للجدل، وصف وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، أحد أبرز رموز اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية، قطاع غزة بأنه يمثل “ثروة عقارية هائلة”، مشيرا إلى أنه يجري محادثات مع الأمريكيين حول كيفية تقسيم القطاع بعد انتهاء الحرب.
وقال سموتريتش خلال مشاركته في مؤتمر عقاري عقد في تل أبيب:”هناك ثروة عقارية هائلة في غزة تغطي تكاليفها بنفسها. بدأنا بالفعل مفاوضات مع الأميركيين حول مستقبل القطاع بعد الحرب”.
وأضاف الوزير:”أنفقنا أموالا طائلة على هذه الحرب. علينا أن نرى كيف نقسم الأرض بالنسب المئوية. الهدم، وهو المرحلة الأولى من تجديد المدينة، أنجزناه بالفعل، والآن ما علينا سوى البناء”.
احتلال مدينة غزة
تأتي هذه التصريحات في وقت يواصل فيه الجيش الإسرائيلي هجماته العنيفة على مدينة غزة، ويصدر أوامر بإخلاء جماعي لمئات الآلاف من السكان، وسط أوضاع إنسانية متدهورة.
ويتزامن ذلك مع تقارير أمريكية متكررة، كان آخرها من صحيفة “واشنطن بوست”، حول وجود خطة أمريكية لإعادة إعمار القطاع، تتضمن وضعه تحت سيطرة دولية أو أمريكية مباشرة لمدة عشر سنوات، مقابل تهجير نحو ربع سكانه إلى خارج غزة بشكل دائم، وهو ما قوبل برفض فلسطيني وعربي ودولي واسع.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد عبر مرارا عن رغبته في تحويل غزة إلى “ريفييرا” تخضع لسيطرة أمريكية بعد “تفريغها من سكانها”، على حد تعبيره في مناسبات سابقة.
رفض رسمي وتناقضات حكومية:
تتناقض تصريحات سموتريتش مع ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أيام، حيث أكد أن إسرائيل لا تسعى إلى إعادة توطين قطاع غزة، في ظل الضغوط الدولية المتزايدة الرافضة لأي تغيير ديمغرافي في القطاع.
لكن سموتريتش عاد لينفي رواية نتنياهو قائلا:”لا أتفق مع رئيس الوزراء. لم تعجبني مقارنته بإسبرطة، ولا أرى أن إسرائيل في عزلة كما يقول”.
تصريحات نتنياهو حول أن إسرائيل قد تضطر لأن تصبح اقتصادا قائما على “الاكتفاء الذاتي” على غرار “إسبرطة الفائقة”، أثارت انتقادات حادة داخل إسرائيل، خصوصا من رجال الأعمال والمعارضة السياسية، وتسببت في انخفاض ملحوظ في بورصة تل أبيب.
وسعى نتنياهو لاحقا لتوضيح موقفه قائلا إن تصريحاته كانت تشير إلى الصناعات الدفاعية وليس إلى الاقتصاد الكلي.
ما وراء تصريحات سموتريتش
من المتوقع أن تواجه تصريحات سموتريتش إدانة دولية واسعة، نظرا لما تحمله من دلالات على نية مسبقة لتغيير الطابع الديمغرافي والجغرافي لقطاع غزة، وهي ممارسات تعد مخالفة للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة.
كما من المرجح أن تؤدي هذه التصريحات إلى تصعيد التوتر في المحافل الدولية، وتؤجج مشاعر الغضب في الأوساط الفلسطينية والعربية، في وقت يعيش فيه قطاع غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة.
في الوقت الذي يستمر فيه القصف والنزوح في غزة، تتزايد التسريبات حول خطط إسرائيلية وأميركية لإعادة تشكيل القطاع جغرافيا وسكانيا، ما يثير تساؤلات كبرى حول مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، واحتمالات أن تتحول الحرب الجارية إلى مرحلة إعادة رسم للواقع الجغرافي والسياسي في المنطقة.
لكن الأكيد أن أية خطط لإعادة إعمار غزة دون موافقة سكانها ودون احترام للقانون الدولي، ستبقى قابلة للانفجار سياسيا وأمنيا، في الداخل الفلسطيني وعلى مستوى الإقليم بأسره.










