ودعت الساحة الجنوبية اليوم أحد أبرز رجالها، بوفاة المناضل أديب محمد صالح العيسي الشهير بـ”أبو محمد”، رجل السلم والسياسة، وواحد من أهم قيادات المقاومة الجنوبية، بعد مسيرة نضالية طويلة شكلت جزءا مهما من تاريخ الكفاح الجنوبي في مواجهة الاحتلال والعدوان، والعمل على بناء مؤسسات الدولة والدفاع عن حقوق أبناء الجنوب.
رحل العيسي تاركا خلفه إرثا نضاليا ومشروعا وحدويا لطالما نادى به طوال مسيرته، جامعا بين البندقية والسياسة، بين الوفاق والتضحية، وبين الحراك الشعبي والعمل المؤسسي.
سيرة نضالية لا تنسى
عرف أديب العيسي بأنه مناضل ميداني وسياسي وطني، نذر حياته للدفاع عن الجنوب وقضيته، وكان حاضرا في كافة مراحل النضال الشعبي والمقاوم، منذ بدايات الحراك الجنوبي السلمي، حتى تأسيس المقاومة الجنوبية.
تعرض للاعتقال في عام 2008 بتهمة “المساس بالوحدة اليمنية وتهديد السلم الاجتماعي”، وأصيب بعد ذلك في يوليو 2009 بمدينة زنجبار. وواصل نضاله رغم إصاباته، إذ فقد وريد يده اليسرى خلال استعادة ساحة المنصورة في مايو 2011.
في 2010 أعلن مشروع الوفاق السياسي وأطلق عليه لقب “مهندس الوفاق الجنوبي”.
كان أحد مؤسسي ثورة 16 فبراير التي أسقطت العاصمة عدن سلميا بالتعاون مع الحراك الجنوبي.
دعا إلى تنظيم مليونيات التسامح والتصالح في ذكرى 30 نوفمبر ويناير 2013.
أسس ائتلاف قوى الثورة الجنوبية، وكان من أوائل من وحد بين قيادات اللجان الشعبية والمقاومة في عدن.
شارك في مؤتمر القاهرة 2011 ممثلا جرحى وشهداء الثورة الجنوبية.
دوره في المقاومة وبناء الدولة
كان العيسي أحد مؤسسي المقاومة الجنوبية في عدن، وأسهم في توحيد الفصائل المقاومة في الضالع وأبين وعدن، وقدم دعما معنويا وماديا ولوجستيا لكافة جبهات القتال، خاصة خلال الغزو الحوثي-العفاشي للجنوب.
أطلق في أغسطس 2015 قرار دمج المقاومة الجنوبية في المؤسستين الأمنية والعسكرية، وعمل على التنسيق مع الحكومة الشرعية حينها، بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، لتثبيت حضور أبناء الجنوب في مؤسسات الدولة.
كما كان العيسي صاحب مشروع “ائتلاف القيادة العامة للمقاومة الجنوبية”، الذي طالب بتخصيص 50% من مواقع الدولة لأبناء الجنوب، بما يتوافق مع ما أقرته قرارات القيادة السياسية آنذاك.
رجل الدولة والوفاق الوطني
رغم كونه رجل مقاومة، إلا أن أديب العيسي عرف بـ الاعتدال السياسي، والانفتاح على الجميع، والدعوة الدائمة للتوافق الجنوبي. ورفض باستمرار هيمنة الأحزاب على القرار الجنوبي، داعيا إلى حوار شامل مع كل القوى الجنوبية دون وصاية.
لم يكن العيسي مجرد قيادي عسكري أو سياسي، بل رجل ميدان وقريب من هموم الناس، تابع أوضاع الجرحى، سعى لتوفير الخدمات في فترات الحرب وما بعدها، وتدخل في حل قضايا اجتماعية معقدة، مما جعله يحظى بمحبة وتقدير عامة المواطنين في الجنوب.
محطات من حياته
مواليد 13 ديسمبر 1975 في محافظة عدن.
حاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية.
نجل المناضل الشهيد العقيد محمد صالح العيسي، أحد رموز الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني وقائد سلاح الجمارك سابقا، الذي استشهد في أحداث 13 يناير 1986.
محاولات اغتيال ومواقف مبدئية
تعرض العيسي لعدة محاولات اغتيال بسبب مواقفه الصلبة ورفضه للصفقات السياسية التي تتجاهل حقوق الجنوبيين، لكنه بقي صامدا، مدافعا عن مبادئه، إلى أن وافته المنية بعد حياة حافلة بالنضال والتضحيات.










