في خطوة لافتة على الساحة السياسية الإقليمية، دعا الأمين العام لحزب الله اللبناني، نعيم قاسم، السعودية إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات القائمة بين الطرفين، داعياً إلى انخراط مثمر في حوار مباشر يهدف إلى معالجة الخلافات القائمة وتأمين المصالح المشتركة
. جاء هذا التصريح في ظل توتر مستمر في العلاقات بين السعودية وحزب الله، وتزامناً مع تغيرات إقليمية ودولية تؤثر على المشهد السياسي في الشرق الأوسط.نعيم قاسم، الذي يشغل موقع نائب الأمين العام لحزب الله، قال في تصريحاته التي نقلتها وكالات الأنباء العالمية يوم الجمعة 19 سبتمبر 2025، إن الدعوة مبنية على أسس واضحة تتضمن ضرورة بدء حوار يعالج الإشكالات ويجيب عن المخاوف التي تعيق إمكانية التعاون بين الطرفين.
وأكد قاسم أن “الحوار يجب أن يكون مبنياً على إدراك مشترك بأن إسرائيل هي العدو الحقيقي، وليس المقاومة التي تمثل حزب الله”، وهو ما يعكس موقف الحزب من الصراعات الإقليمية وأولوياته الأمنية.الدعوة هذه تأتي في سياق ضغوط دولية شديدة تمارس على حزب الله، خاصة من الولايات المتحدة والسعودية، لنزع سلاح الحزب اللبناني الذي يُعتبرونه تهديداً للأمن الإقليمي، خاصة في ظل الدعم الإيراني المقدم للحزب.
ومنذ فترة، اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً بتكليف الجيش بطرح خطة لإخضاع السلاح غير النظامي، بما في ذلك سلاح حزب الله، لسيطرة الدولة، وهو ما ألقى بظلاله على المشهد السياسي والأمني في البلاد.ويُعد موقف نعيم قاسم محاولة لإعادة ترتيب الأوضاع السياسية والدبلوماسية بشكل يقلل من التصعيد ويتيح فرصاً جديدة لتحسين العلاقات، خاصة مع إعلان المملكة العربية السعودية عن رغبتها في تفعيل حوار إقليمي شامل يتناول ملفات متعددة أهمها الملف اللبناني. وفي تصريحات أخرى، أكد قاسم على أهمية “تجميد الخلافات وفتح صفحة جديدة تعزز مصالح الشعبين اللبناني والسعودي”.
تأتي هذه المبادرة في وقت يشهد فيه لبنان تحديات داخلية كبيرة، حيث يتطلب الوضع الأمني والسياسي استقراراً يمنع أي زعزعة إضافية، كما يشكل فتح قنوات تواصل إيجابية مع دول المنطقة، ومن بينها السعودية، عاملاً مهماً لتجاوز الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها لبنان.ردود الفعل على دعوة قاسم في الأوساط السياسية والإعلامية كانت متفاوتة. ففي لبنان، رحب بعض السياسيين بمبادرة الحوار الذي قد يفتح المجال أمام تخفيف الحصار الاقتصادي والسياسي الذي تواجهه البلاد، بينما أبدى آخرون تحفظات مؤكدين ضرورة تعديل مواقف حزب الله أولاً فيما يتعلق بحجم السلاح ودوره العسكري خارج إطار الدولة. أما في السعودية، فتوارت التصريحات الرسمية قليلاً، مع تركيز على أهمية تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ضمن محيط عربي وإسلامي موحد.كما أن المبادرة من قاسم تعتبر نقلة نوعية في خطاب حزب الله، حيث تظهر وعي جديداً بالحاجة إلى الحوار السياسي والدبلوماسي، رغم استمرار الخلافات السياسية العميقة. ويقول محللون إن هذه الدعوة قد تفتح الباب أمام حوارات غير مباشرة بين الطرفين عبر وسائل دبلوماسية مختلفة بهدف الوصول إلى تفاهمات تخدم الاستقرار الإقليمي.ويتركز هذا المسعى بشكل كبير على استبعاد التصعيد العسكري، والعمل على بناء ثقة جديدة عبر الحوار والقاء الضوء على المصالح المشتركة، وربما تجاوز قضايا الخلاف القديمة التي استمرت لعقود. كذلك يمثل هذا التوجه انعكاساً لحاجة إقليمية ودولية لإيجاد أرضية تفاهم في ظل الصراعات الإقليمية المتعددة بين القوى الكبرى.تجدر الإشارة إلى أن حزب الله، الذي تأسس في أواخر الثمانينات، يعد قوة سياسية وعسكرية فاعلة في لبنان، ويُنظر إليه ككيان مقاوم من قبل أنصاره، فيما تصنفه دول عدة في القائمة السوداء للإرهاب بسبب ارتباطته المباشرة بإيران وسياساته الإقليمية المتشددة. وبالتالي، فإن أي تغيير في مواقف قيادته، وربما علاقاته مع السعودية، يستحق متابعة مستمرة لما يمكن أن تفضي إليه من نتائج مؤثرة على المنطقة.










