استأنفت محكمة جنايات دمنهور، اليوم السبت، جلستها المكثفة في قضية الطفل ياسين (6 سنوات)، ضحية واقعة هتك العرض داخل إحدى المدارس الخاصة في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، وهي القضية التي أثارت موجة من الغضب الشعبي والجدل القانوني منذ الكشف عنها مطلع هذا العام.
الجلسة المنعقدة برئاسة المستشار أشرف عياد وعضوية كل من المستشارين إيهاب الشنواني وفخر الدين عبد التواب، خصصت لسماع أقوال كبير الأطباء الشرعيين بشأن التقرير الفني المتعلق بحالة الطفل، إلى جانب ضم أوراق علاج المتهم ومناقشة شهادات شهود الإثبات.
خلفية القضية
تعود وقائع القضية إلى فبراير 2024، حين اتهمت أسرة الطفل ياسين مراقبا ماليا في مدرسة “الكرمة للغات” يدعى صبري ك. ج. أ. (79 عاما)، بارتكاب جريمة هتك عرض الطفل داخل حمام المدرسة، بمساعدة عاملة وشهادات من داخل المؤسسة التعليمية.
رغم رفض قسم الشرطة في البداية تحرير محضر بسبب “مرور الوقت”، فإن القضية أعيد فتحها مطلع عام 2025 بعد تدخل أسرة الطفل وعودة الأب من الخارج، مما دفع نيابة دمنهور إلى فتح تحقيق عاجل وإحالة المتهم إلى المحاكمة.
في 30 أبريل 2025، قضت محكمة الجنايات بالسجن المؤبد للمتهم، استنادا إلى أقوال الشهود، وتقارير الطب الشرعي، وشهادة والد الطفل. إلا أن الدفاع طعن في الحكم، مستندا إلى ما اعتبره “قصورا في الدليل الفني”، مما أدى إلى بدء جولات الاستئناف.
تفاصيل جلسة اليوم – 20 سبتمبر
الجلسة المقررة اليوم جاءت استكمالا لجلسة الأمس (19 سبتمبر)، التي تم تأجيلها بعد طلب الدفاع مزيدا من الوقت لمراجعة التقرير الطبي والمطالبة بمثول كبير الأطباء الشرعيين شخصيا.
خلال الجلسة، شدد الدفاع على أن تعديل توصيف التهمة من “بغير قوة” إلى “بقوة وتهديد” يفرض إعادة النظر في الإجراءات، مطالبا بمناقشة الأدلة الفنية بشكل موسع، وضم أوراق علاج المتهم، الذي يعاني من مشكلات في القلب بحسب الدفاع.
في المقابل، تمسك والدا الطفل ياسين بموقفهما، مطالبين بإجراء كشف كامل على ملابسات الجريمة، ومحاسبة كل من تثبت مشاركته أو تستره على الواقعة داخل المدرسة، في ظل استمرار التحقيقات مع العاملة المتهمة بالمساعدة وثلاثة شهود من الطاقم الإداري.
تقرير الطب الشرعي في الميزان
تقرير الطب الشرعي المبدئي، الذي أصدره رئيس قسم الطب الشرعي في دمنهور، لم يشر إلى وجود إصابات ظاهرية حديثة أو قديمة على جسد الطفل، لكنه أكد وجود اتساع شرجي غير طبيعي يتوافق مع الواقعة المبلغ عنها، دون إمكانية الجزم بتوقيته بدقة.
هذه النقطة كانت محور طعن الدفاع، الذي طالب بمناقشة التقرير من قبل جهة أعلى وهيئة أكثر تخصصا، معتبرا أن “التقرير وحده لا يكفي للإدانة القطعية في جريمة بهذا الحجم”.
تفاعل شعبي واسع ومطالبات بمحاسبة المدرسة
القضية تسببت في موجة غضب واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدر وسم #حقياسينلازم_يرجع منصات تويتر وفيسبوك، مع دعوات لإغلاق المدرسة وإعادة النظر في إجراءات السلامة والرقابة على المدارس الخاصة.
ورغم نفي مديرة المدرسة لوقوع أي اعتداء داخل المؤسسة، فإن النيابة العامة ما تزال تحقق في سلوك إدارة المدرسة، ومدى علمها أو تسترها على الجريمة، وسط مطالبات بمحاسبة كل المسؤولين.
دلالات وأبعاد قانونية
تأتي هذه الجلسات في وقت بدأ فيه تطبيق تعديلات جديدة على قانون الإجراءات الجنائية (دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر 2024)، تسمح بتسريع الفصل في القضايا ذات البعد الاجتماعي، خاصة الجرائم ضد الأطفال، وتمنح المحكمة صلاحيات أوسع في الاستماع إلى تقارير الجهات الفنية والطبية.
القضية تمثل اختبارا حقيقيا لتلك التعديلات، وتضع العدالة الجنائية في مصر أمام تحد مزدوج: حماية حقوق الطفل وضمان محاكمة عادلة للمتهم.
الخطوات القادمة
من المتوقع أن تؤجل المحكمة إصدار القرار النهائي في جلسة اليوم، لإعطاء الوقت اللازم لمراجعة التقرير الفني الجديد، وسماع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك شهود الإثبات والمتهم.
ومن المنتظر أن تحدد المحكمة جلسة جديدة خلال الأسابيع المقبلة لاستكمال النظر في القضية، والتي باتت تمثل قضية رأي عام بامتياز في مصر.










