تشهد المنطقة الحدودية بين مصر وإسرائيل تصاعدًا غير مسبوق في التوترات العسكرية خلال شهر سبتمبر 2025، في ظل إعلان إسرائيل رفع حالة التأهب القصوى ردًا على تحركات الجيش المصري وتعزيزاته غير الاعتيادية في شبه جزيرة سيناء. تؤكد مصادر عسكرية ودبلوماسية أن المشهد الحالي ينذر بتحول تاريخي في طبيعة العلاقة بين البلدين بعد عقود من الاستقرار الهش الذي فرضته اتفاقية كامب ديفيد
.خلفية التوترات وفرصة الانفجاربدأت موجة جديدة من التصعيد عندما أعلنت قيادة الجيش المصري نشر قوات إضافية تقدر بعشرات الآلاف من الجنود، مع تعزيز دفاعاتها الجوية ونقل آليات ثقيلة إلى مواقع استراتيجية شمالي سيناء. وعلى الجانب الإسرائيلي، وصف كبار المسؤولين هذه الإجراءات بأنها “تهديد خطير” يفتح الباب أمام سيناريوهات غير متوقعة على حدودها الجنوبية، مستشهدين بتحركات مصرية تشمل مدارج طيران جديدة ومنشآت تحت الأرض يُشتبه استخدامها في تخزين صواريخ متقدمة
.وتصدر الإعلام الإسرائيلي عناوين مثيرة تشير إلى أن القاهرة قد “جمدت عمليًا” العمل ببنود الملحق العسكري لكامب ديفيد. في المقابل، نفت السلطات المصرية صحة هذه المزاعم، وأوضحت أن تعزيزاتها العسكرية داخل سيناء تهدف إلى حماية الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب المتصاعد هناك، معلنة بوضوح أن “كل شبر من سيناء يخضع لسيادة مصرية كاملة”
إسرائيل في حالة تأهب قصوىكرد فعل مباشر على التحرك المصري، أعلنت إسرائيل حالة التأهب القصوى وطلبت تدخلًا أمريكيًا لاحتواء الموقف. مصادر مطلعة أكدت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سلّم الإدارة الأمريكية قائمة بأنشطة عسكرية “تتجاوز القدرات المسموح بها” وفق اتفاقية السلام. كما زعم إعلام تل أبيب أن القاهرة تجهّز بنيتها العسكرية بما سيتيح للجيش المصري تنفيذ عمليات جوية وهجومية، الأمر الذي أثار غضبًا وقلقًا شديدين في الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية
التصعيد الإعلامي وتبادل الرسائل الحاسمةعلى الصعيد الإعلامي، اتجه الخطاب المصري للوضوح والحسم؛ إذ أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في تصريحات نادرة أن “الأمن القومي المصري خط أحمر”، مطالبًا تل أبيب بالكف عن “أي استفزازات ستحمل عواقب وخيمة”
. وخلال مناورات “النجم الساطع” الأكبر في المنطقة، ركزت القوات المصرية على رسائل الاستعداد والجاهزية لأي مواجهة، فيما انتشرت تحليلات صحفية تتحدث عن تحول في العقيدة العسكرية المصرية التي باتت تشمل الاستعداد لكل السيناريوهات دون استثناء
.وفي المقابل، يرى خبراء إسرائيليون أن الأزمة تعكس مخاوف تل أبيب من فقدان سيطرتها على الحدود والتغير في موازين القوى الإقليمية لصالح الجيش المصري المجهّز جيدًا. وسرّبت قيادات إسرائيلية تهديدات “بردود استباقية” في حال استشعرت خطرًا وشيكًا عبر الحدود
.الدوافع والسيناريوهات المستقبليةتتداخل خلفيات التصعيد مع تداعيات الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة؛ إذ تخشى مصر من تدفق جماعي للفلسطينيين عبر محور رفح، بينما تستعمل إسرائيل هذا الملف للضغط دبلوماسيًا وعسكريًا. ويجد المراقبون أن نتنياهو يحاول توظيف الأزمة مع مصر للهروب من الانتقادات الداخلية بشأن إدارة ملف غزة وحشد دعم اليمين الإسرائيلي وحلفاء إسرائيل في الخارج
.في المقابل، أرسلت القاهرة تحذيرات رسمية عبر قنوات مباشرة وغير مباشرة للولايات المتحدة وإسرائيل تؤكد أن أي مساس بالأراضي المصرية سيواجه برد “قاسٍ وفوري”. وتدعم هذه الرسائل تحركات الجيش المصري في سيناء التي تراقبها تل أبيب بقلق متزايد، خاصة مع الأنباء عن وجود منظومات دفاعية صينية حديثة وحشود بشرية وأسلحة نوعية تعكس تبدل نوعي في التفكير الاستراتيجي المصري
.احتمالات التصعيد أم ضبط النفس؟رغم أن احتمالات تحول التوتر إلى مواجهة مباشرة لا تزال محدودة، إلا أن تطورات الأوضاع الميدانية وانزلاق الأمور نحو خطأ غير محسوب سيعني دخول المنطقة في مواجهة شاملة، خاصة في ظل هشاشة الوضع الإقليمي، والضغوط على الاقتصادين المصري والإسرائيلي، واستمرار حالة الفوضى في قطاع غزة. وفي النهاية، يرى أغلب المحللين أن القاهرة تفضل انتهاج استراتيجية الردع “بردع صامت” مع إبقاء باب الدبلوماسية مفتوحًا، لكنها جاهزة للتحرك إذا اقتضت الضرورة، بينما تعتمد إسرائيل مسارات التصعيد الإعلامي والدبلوماسي لمحاولة كبح التحركات المصرية دون مجازفة بفتح حرب جديدة قد تقلب المشهد الإقليمي










