أعربت وزارة الخارجية المصرية، في بيان رسمي صادر اليوم الأحد، عن إدانة مصر واستنكارها الشديد للهجوم الذي استهدف مسجدا في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور السودانية، والذي أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين الأبرياء أثناء أدائهم صلاة الفجر.
وقالت الخارجية المصرية إن الهجوم يشكل انتهاكا سافرا للقانون الدولي الإنساني، منددة بشدة بـ”استهداف دور العبادة والمدنيين العزل في النزاعات المسلحة”، مؤكدة أن تلك الممارسات غير المقبولة تضع مزيدا من الأعباء على كاهل الشعب السوداني الشقيق، وتفاقم من معاناته الممتدة منذ اندلاع الحرب الأهلية قبل أكثر من عامين.
وأعربت مصر عن صادق تعازيها ومواساتها لأسر الضحايا والحكومة السودانية، متمنية الشفاء العاجل للمصابين، وداعية إلى ضرورة إنهاء النزاع الدموي الذي يدفع ثمنه الأبرياء، والعمل على حفظ وحدة السودان واستقراره وسلامة أراضيه.
الهجوم: التفاصيل والخلفيات
وقع الهجوم فجر يوم الجمعة، 19 سبتمبر 2025، عندما استهدفت طائرة مسيرة يعتقد أنها تابعة لقوات الدعم السريع، مسجد “الدرجة الأولى” في حي الدرجة وسط مدينة الفاشر، وهو أحد الأحياء المكتظة بالنازحين وكبار السن.
بحسب بيانات شبكة أطباء السودان، أسفر القصف عن مقتل ما لا يقل عن 75 شخصا، معظمهم من كبار السن والنازحين داخليا، وإصابة عشرات آخرين. ولا تزال عمليات الإنقاذ وانتشال الضحايا من تحت الأنقاض مستمرة وسط تدهور كبير في الأوضاع الصحية والإنسانية في المدينة.
اتهمت السلطات المحلية والجيش السوداني قوات الدعم السريع بالوقوف وراء الهجوم، معتبرين أنه يأتي ضمن استراتيجية ممنهجة لاستهداف البنية التحتية المدنية ودور العبادة، بهدف الضغط على الجيش الذي لا يزال يسيطر على المدينة رغم الحصار المفروض عليها منذ أكثر من عام.
تصعيد خطير في نزاع دارفور
يعد الهجوم على مسجد الفاشر من أكثر الهجمات دموية منذ بدء النزاع السوداني في أبريل 2023، بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وتشهد الفاشر، آخر المعاقل الاستراتيجية للجيش في دارفور، تصعيدا لافتا في الهجمات على منشآت مدنية مثل المستشفيات والمدارس ومخيمات النازحين، في ظل غياب شبه تام للمساعدات الإنسانية وصعوبة الوصول إلى الضحايا.
وكان مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة قد وثق مقتل أكثر من 3300 مدني في السودان خلال النصف الأول من عام 2025 فقط، محذرا من توسع النزاع إلى حرب شاملة داخل إقليم دارفور، الذي يشهد بالفعل اضطرابات عنيفة منذ سنوات.
مصر تدعو إلى حل سياسي شامل
يأتي الموقف المصري في سياق دعواتها المتكررة إلى وقف فوري لإطلاق النار في السودان، والعودة إلى مائدة الحوار السياسي. وكانت القاهرة قد استضافت في وقت سابق مشاورات إقليمية ودولية سعيا لاحتواء الأزمة، لكن الانقسامات العميقة بين الأطراف السودانية وتعدد الوساطات الإقليمية والدولية حال دون تحقيق تقدم حاسم حتى الآن.
وأكد البيان الصادر عن الخارجية أن مصر ستواصل جهودها الدبلوماسية بالتنسيق مع الدول الإفريقية والعربية والمجتمع الدولي من أجل التوصل إلى تسوية شاملة تنهي معاناة الشعب السوداني وتعيد للدولة السودانية مؤسساتها واستقرارها.










