اعتبرت شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتت تواجه عزلة دولية متزايدة بشأن موقفيها من الحرب في غزة، ومسألة الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مع اقتراب الصراع من عامه الثاني وتزايد الضغوط الدولية من أجل حل سياسي ينهي دوامة العنف.
وفي تقرير تحليلي نُشر اليوم الأحد على الموقع الرسمي للشبكة، قالت “سي إن إن” إن الرئيس ترامب، الذي سيلقي الثلاثاء المقبل أول خطاب له في ولايته الرئاسية الثانية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيكون على خلاف مع أكثر من نصف الدول الأعضاء في المنظمة، من بينهم حلفاء تقليديون للولايات المتحدة، بسبب موقفه الثابت في دعم إسرائيل ورفضه أي مسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية.
واشنطن وحيدة في الأمم المتحدة
ووفقًا للشبكة، فإن إحدى أبرز صور العزلة الأمريكية ستتجلى يوم الاثنين، حين تستضيف فرنسا والسعودية مؤتمراً دولياً في نيويورك لدعم حل الدولتين، بمشاركة 142 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة، في حين ستغيب الولايات المتحدة عن المؤتمر، بعد أن كانت من بين 10 دول فقط صوتت ضد قرار الجمعية العامة الذي دعم انعقاد هذا الاجتماع.
وسيركز المؤتمر على وضع خارطة طريق لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بما في ذلك دعم السلطة الفلسطينية ماليًا لتجنب الانهيار، والمساهمة في إعادة استقرار قطاع غزة.
دعم غير مشروط لإسرائيل
رغم الانتقادات العالمية المتصاعدة ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، أكدت “سي إن إن” أن واشنطن لا تُظهر أي نية لتعديل موقفها، بل تواصل تقديم غطاء سياسي كامل ودعم عسكري مباشر لحكومة بنيامين نتنياهو، في وقت تعتبر فيه العديد من الدول أن هذه الحرب تجاوزت الخطوط الحمراء الإنسانية والقانونية.
وذكرت الشبكة أن ترامب أقرّ، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بأن الاعتراف بدولة فلسطينية هو “واحدة من الخلافات القليلة” بين واشنطن ولندن، مشيرة إلى أن هذه النقطة تحديدًا تعمّق فجوة التباين بين الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا.
رفض تأشيرات للوفد الفلسطيني
وفي خطوة غير مسبوقة، كشفت الشبكة أن إدارة ترامب رفضت منح تأشيرات للرئيس الفلسطيني محمود عباس ووفد السلطة الفلسطينية لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يعني غياب التمثيل الفلسطيني الرسمي عن هذا الحدث العالمي، رغم حساسية اللحظة السياسية والأمنية التي تمر بها الأراضي الفلسطينية.
وتُعد هذه الخطوة تصعيدًا دبلوماسيًا لافتًا، يضع واشنطن في موقف المتهم بعرقلة المساعي الدولية لإيجاد حل للصراع، ويزيد من الاحتقان الدولي تجاه تعامل إدارة ترامب مع الملف الفلسطيني.
تصاعد الغضب داخل إسرائيل أيضًا
بحسب “سي إن إن”، فإن العملية العسكرية الجديدة التي أطلقها نتنياهو للسيطرة على مدينة غزة، لم تُقابل بأي تنديد أمريكي، رغم أنها أثارت غضبًا دوليًا واستياءً متزايدًا من قبل عائلات الأسرى الإسرائيليين أنفسهم، الذين يرون في استمرار الحرب خطرًا على مصير أبنائهم.
وتشير الشبكة إلى أن هذه السياسة الأمريكية تعكس تراجعًا واضحًا في الرغبة بالتوصل إلى تسوية دبلوماسية، مقابل التركيز على دعم الحسم العسكري، وهو ما تعتبره عدة أطراف دولية تخليًا عن مسؤولية واشنطن كوسيط تاريخي في عملية السلام.
عزلة سياسية غير مسبوقة
يأتي تقرير “سي إن إن” في وقت يتصاعد فيه الضغط على واشنطن من حلفائها قبل خصومها، وسط تساؤلات حول مستقبل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وهل يمكن لإدارة ترامب، في ولايتها الثانية، أن تستمر في هذا المسار المنحاز دون دفع ثمن دبلوماسي على المسرح الدولي.
ومع اقتراب الجمعية العامة للأمم المتحدة من الانعقاد بكامل طاقتها، يبدو أن الولايات المتحدة على وشك مواجهة اختبار دولي حاد، سيحدد ما إذا كانت لا تزال قادرة على قيادة المشهد السياسي العالمي، أم أنها بالفعل، كما تقول “سي إن إن”، دخلت مرحلة العزلة السياسية المتسارعة.










