في خطوة وصفت بأنها مفصلية في المشهد الحقوقي والسياسي المصري، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرارا رئاسيا بالعفو عن الناشط علاء عبد الفتاح، أحد أبرز رموز ثورة 25 يناير، وذلك بإسقاط ما تبقى من مدة العقوبة الصادرة بحقه.
جاء القرار بعد مناشدات متكررة من المجلس القومي لحقوق الإنسان، واستجابة لضغوط محلية ودولية، ليشكل تطورا مهما في علاقة الدولة المصرية بالملف الحقوقي، وسط دعوات مستمرة لإصلاحات أوسع في مجال الحريات العامة.
تفاصيل القرار وأسماء مشمولة
شمل قرار العفو الرئاسي أيضا عددا آخر من المحكوم عليهم، من بينهم محمد عبد الخالق عبد العزيز عبد اللطيف
منصور عبد الجابر علي عبد الرازق
وجاء العفو في إطار ممارسة رئيس الجمهورية لصلاحياته الدستورية في إصدار قرارات العفو عن بعض المحكوم عليهم، خاصة في الحالات التي تراعي الظروف الإنسانية أو الاستجابة لمناشدات مجتمعية وحقوقية.
علاء عبد الفتاح: من رمزية الثورة إلى سجين رأي
يعد علاء عبد الفتاح أحد أبرز رموز التغيير السياسي في مصر خلال العقدين الأخيرين، وواجه سلسلة من المحاكمات والسجن بسبب نشاطه السياسي، لا سيما فيما يتعلق بحرية التعبير والتدوين السياسي على الإنترنت.
وقد حكم عليه في عدة قضايا مرتبطة بتدوينات ومواقف سياسية، واعتبر من أشهر سجناء الرأي في مصر. ويحمل عبد الفتاح أيضا الجنسية البريطانية، وهو ما زاد من وتيرة الضغوط الدبلوماسية للإفراج عنه خلال السنوات الماضية.
تصريحات ومواقف
قال محامي علاء عبد الفتاح في تصريح عقب القرار: “صدور قرار رئاسي بالعفو عن موكلي يمثل انتصارا لإرادة القانون وجهود المجتمع المدني.”
من جهته، أشار المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى أن القرار جاء بعد دراسة ملف عبد الفتاح وتقديرا للظروف الإنسانية الخاصة به، مضيفا: “الرئيس مارس صلاحياته القانونية بما يعكس حرص الدولة على الإنصات للمجتمع المدني وتعزيز التهدئة في الملف الحقوقي.”
السياق الدولي والضغوط المتزايدة
شهدت الأشهر الأخيرة تصاعدا في الضغوط الدولية على مصر من قبل حكومات غربية ومنظمات حقوقية، دعت للإفراج عن المعتقلين السياسيين، وكان عبد الفتاح دائما في مقدمة هذه المطالبات، خاصة مع تدهور حالته الصحية وتناوله قضايا سياسية في كتاباته حتى أثناء سجنه.
وينظر إلى قرار الإفراج عنه على أنه بادرة حسن نية من الدولة المصرية تجاه المجتمع الدولي، خاصة في ظل المساعي الجارية لتحسين صورة مصر في ملف حقوق الإنسان.
تأثير القرار على الساحة الداخلية
من المتوقع أن يسهم القرار في تهدئة التوترات مع القوى المدنية داخل البلاد، وفتح نافذة أمل أمام أسر معتقلي الرأي الآخرين.
وإعطاء دفعة جديدة لمطالب المجتمع المدني بإطلاق مزيد من السجناء السياسيين.
ويأمل مراقبون أن يتبع هذا القرار خطوات إضافية في ملف الإصلاح السياسي وتعزيز الحريات، خاصة في ظل الحراك الدولي المتنامي لإعادة تقييم السياسات الحقوقية في مصر.
هل يشكل القرار بداية لتحول أوسع؟
رغم أن العفو عن علاء عبد الفتاح لا يحل كافة الإشكاليات المرتبطة بالحريات العامة، إلا أنه يمثل تحولا مهما في مقاربة الدولة لهذا الملف المعقد. ويبقى السؤال الأهم: هل ستكون هذه الخطوة بداية لمسار أوسع من الإصلاحات؟ أم أنها ستقرأ كتحرك محسوب في لحظة سياسية حرجة؟
الأسابيع المقبلة ستكشف ما إذا كانت هذه المبادرة ستترجم إلى نهج مستدام في التعامل مع المطالب الحقوقية، أم ستبقى مجرد استجابة ظرفية لضغوط محلية وخارجية.










