في خطوة اعتبرتها “تاريخية وغير مسبوقة”، أقرت الحكومة الإسبانية، برئاسة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، حظرا دائما وشاملا على تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى إسرائيل، ضمن حزمة إجراءات واسعة “لوقف الإبادة الجماعية في غزة”، بحسب تعبير سانشيز.
القرار الذي أعلن رسميا اليوم، وجرى اعتماده عبر مرسوم ملكي، يمثل تحولا جذريا في السياسة الخارجية الإسبانية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويضع مدريد في مقدمة الدول الغربية التي قطعت صلاتها العسكرية مع تل أبيب بشكل كامل.
تفاصيل الإسباني
خلال مؤتمر صحفي مشترك مع عدد من الوزراء، أعلن وزير الاقتصاد الإسباني كارلوس كويربو أن المرسوم يتضمن الإجراءات التالية:حظر كامل لصادرات الأسلحة والمعدات الدفاعية والتقنيات ذات الاستخدام المزدوج إلى إسرائيل.
وكذلك منع استيراد أي مواد أو منتجات من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحظر مرور الطائرات التي تحمل مواد عسكرية عبر الأجواء الإسبانية.
وأيضا قررت مدريد منع السفن التي تنقل وقودا ذا استخدام عسكري محتمل للقوات الإسرائيلية من دخول الموانئ الإسبانية، وحظر دخول مسؤولين عسكريين إسرائيليين متورطين في “الانتهاكات” إلى الأراضي الإسبانية.
وأوضح كويربو أن هذا القرار “يرسخ قانونيا” وقف تصدير الأسلحة الذي كانت إسبانيا قد بدأته بشكل غير رسمي منذ أكتوبر 2023، معتبرا أن مدريد أصبحت “رائدة دوليا” في فرض هذا النوع من العقوبات الإنسانية.
رسالة سياسية وإنسانية
قال رئيس الوزراء سانشيز إن القرار جاء “استجابة لواجب أخلاقي وإنساني لا يحتمل الانتظار”، وأضاف: “إسبانيا لا يمكنها الاستمرار في تصدير الأسلحة إلى دولة ترتكب مجازر بحق المدنيين في غزة. هذا يتعارض مع مبادئ القانون الدولي ومع قيمنا الديمقراطية”.
وأكد أن الحظر ينسجم مع جهود الحكومة لوقف النزاع، وتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
دعم إنساني متزايد للفلسطينيين
بالتوازي مع الحظر العسكري، أعلنت الحكومة الإسبانية عن حزمة دعم إنساني جديدة 10 ملايين يورو إضافية لوكالة الأونروا.
وكذلك رفع إجمالي المساعدات للفلسطينيين إلى 150 مليون يورو حتى عام 2026.
كما أعلنت إسبانيا تعزيز الدعم المالي والتقني للسلطة الفلسطينية، وزيادة الوجود الإسباني عند معبر رفح لتسهيل تدفق المساعدات.
دعم إسباني وغضب إسرائيلي
لاقى القرار ترحيبا واسعا من الأحزاب اليسارية والمجتمع المدني، وسط احتجاجات متواصلة منذ أشهر تطالب بوقف أي دعم عسكري لإسرائيل. كما أشار مراقبون إلى أن الخطوة جاءت استجابة لضغوط من جناح اليسار في التحالف الحكومي.
وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانا وصفت فيه القرار بأنه “معاد للسامية وعدائي”، معتبرة أنه يمثل تدخلا سافرا في حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، وتهديدا للعلاقات الثنائية.
تنضم إسبانيا بذلك إلى قائمة متزايدة من الدول التي فرضت قيودا على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل منذ تصاعد الصراع في أكتوبر 2023، منها كندا، هولندا، بلجيكا، اليابان، كولومبيا، سلوفينيا، إيطاليا، وألمانيا فرضت وقفا مؤقتا في أغسطس 2025.
القرار قد يؤدي إلى تقليص تدفق المواد والتقنيات العسكرية عبر أوروبا إلى إسرائيل، خاصة أن إسبانيا سبق وألغت صفقات بمئات الملايين من اليوروهات هذا العام.
إسرائيل فقدت سوقا أوروبية كانت تقدر صفقاتها معها بأكثر من مليار يورو حتى 2024.
قد يشجع القرار دولا أوروبية أخرى على اتخاذ إجراءات مماثلة، خصوصا مع تصاعد الانتقادات الحقوقية ضد الحرب في غزة.










