أثارت محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي، أحد العلماء البارزين في موريتانيا والمنتمي إلى تيار الإخوان المسلمين، حول “نكبة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم” جدلا واسعا في الأوساط الدينية والإعلامية، حيث تباينت المواقف بين مؤيد ومعارض.
بينما يرى البعض أن كلامه كان مجرد تعبير عن الحزن العميق، يعتبر آخرون أن وصف وفاة النبي بالـ”نكبة” قد يتسبب في إساءة للرسول صلى الله عليه وسلم. يحتاج هذا الجدل إلى مزيد من التأمل والتفسير من علماء الأمة لتوضيح السياق وتقديم الردود المناسبة التي تليق بمقام النبوة.
ولد الددو الشنقيطي نكبة وفاة النبي
في 29 أغسطس 2025، أثار محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي، أحد العلماء البارزين في موريتانيا والمنتمي إلى تيار الإخوان المسلمين، جدلا واسعا بعد تصريحات له في لقاء مع “بودكاست الرحلة”، حيث وصف وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بـ”النكبة”.
ما تبع تصريحات ولد الددو الشنقيطي من ردود فعل في الأوساط الدينية والإعلامية خلق مناخا من النقاش الحاد حول ما إذا كان كلامه يعد خطأ عقديا أو تعبيرا عن حزن عميق يتوافق مع النصوص الشرعية.
مضمون التصريحات:
في اللقاء الذي أذيع على منصة يوتيوب، تحدث ولد الددو الشنقيطي عن أسباب نشوء الحركات الإسلامية واصفا “النكبة الأولى” التي واجهتها الأمة الإسلامية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ولد الددو الشنقيطي في معرض كلامه:النكبة الأولى كانت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان الوحي أشد ما يكون تتابعا، والنبي صلى الله عليه وسلم في أوج قوته، وقد ترك الأمة في حال لم يحدد فيها طريقة اختيار الحاكم، ولم يعين لهم حاكما معينا. وهذا كان سببا لأزمة ارتدت فيها فئات من المسلمين، مما أدى إلى تأسيس الخلافة بعد ذلك.”
كما أضاف ولد الددو الشنقيطي أن الأمة لم تكن مستعدة لتلقي هذا الفقد الجلل، وأن وفاة النبي كانت بمثابة نكبة كبيرة أثرت بشكل عميق في المجتمع الإسلامي، مشيرا إلى أن هذه النكبة أسفرت عن سلسلة من الأزمات التي استمرت في وقت لاحق، مثل فتن مقتل عثمان بن عفان ومعركة الجمل.
ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي:
تصريحات ولد الددو الشنقيطي لاقت صدى واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تباينت الآراء حول ما ورد في حديثه. في المقابل، اعتبر بعض العلماء والنشطاء أن كلامه يشكل خطأ عقديا، بينما اعتبره آخرون تعبيرا عن حزن شديد على وفاة النبي.
ومن بين الانتقادات التي طالت تصريحاته، وصف الشيخ عبد الرزاق المهدي في منشور على منصة “إكس” (Twitter سابقا) بتاريخ 22 سبتمبر 2025، قول الشيخ الددو بـ “النكبة” بأنه إساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، معتبرا أن وفاة النبي جزء من القدر الإلهي ولا يجب وصفها بالكوارث أو النكبات، حيث قال: “الوفاة جزء من حياة المؤمنين وليس كارثة، وفقدان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقلل من مكانته، بل هو قدر مقدر.”
ردود من مؤيدين لولد الددو:
في المقابل، دافع العديد من مؤيدي الشيخ الددو عن تصريحاته معتبرين إياها جزءا من حزن عميق يعبر عن الواقع الذي عاشته الأمة الإسلامية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
ودافع البعض عن حقه في التعبير عن تلك النكبات التي تلت وفاة النبي من خلال حديثه عن الفتن الكبرى التي عصفت بالأمة بعد وفاته. هؤلاء رأوا في كلامه تعبيرا عن القلق والهم الذي نشأ بسبب الظروف الصعبة التي مرت بها الأمة الإسلامية، وليس إساءة للرسول صلى الله عليه وسلم.
الانتقادات المتزايدة:
من بين أكثر الانتقادات التي طالت الشيخ الددو كان ما اعتبره البعض تلميحا إلى “عيوب الصحابة” في الفترة التي تلت وفاة النبي. إذ اعتبر النقاد أن التركيز على الفتن والانقسامات التي حدثت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قد يكون فيه نوع من التشكيك في الصحابة الكرام، رغم أن أهل السنة والجماعة يؤمنون بعصمة الصحابة من الكبائر ويحرم الطعن فيهم. وقد اعتبر البعض أن هذا يتناقض مع عقيدة أهل السنة.
كما تعرض الشيخ الددو لانتقادات في بعض الأحيان بسبب تصريحاته الأخرى في مسائل عقدية سابقة، مثل تفسيره لبعض الأحاديث أو آرائه بشأن الدراسة للنساء في الخارج.
المواقف المتباينة:
الانتقاد العقدي: رأى بعض العلماء أن كلمات الشيخ تخلف أثرا سيئا على فهم الأمة لما حدث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، واعتبروها زلة لسان قد تثير فتنة بين المسلمين إذا ما فهمت بشكل غير دقيق.
التعاطف مع الشيخ: في الجهة المقابلة، دافع العديد من مؤيدي الشيخ واعتبروا تصريحاته مجرد تعبير عن موقفه الشخصي تجاه الظروف التي مرت بها الأمة الإسلامية بعد فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: “المسألة لا تتعلق بالقدح في النبي صلى الله عليه وسلم، بل بالحزن على ما أصاب الأمة بعد وفاته”.
الوصف الذي أطلقه محمد الحسن ولد الددو بشأن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قد يكون له مبررات من خلال فهمه للآثار التي نجمت عن ذلك الفقد الكبير في تاريخ الأمة. لكنه في ذات الوقت أوقع نفسه في حرج بين فئات العلماء والجماهير التي قد تفسر كلامه بشكل قد يكون بعيدا عن المقصود.
وبالرغم من ذلك، ما زالت ردود الفعل مستمرة حول هذه التصريحات، والتي تتطلب مزيدا من الحوار بين العلماء والمفكرين، خصوصا حول كيفية فهم وتفسير تلك الأحداث التاريخية، وأثرها على الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر.










