أعاد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، التذكير بموقف طهران الرافض لأي مفاوضات مع الولايات المتحدة إذا ما اقترنت بالضغوط والتهديدات، وذلك خلال زيارته إلى نيويورك لحضور الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
في خطوة بدت استباقا للتكهنات المتداولة حول احتمال عقد لقاء بينه وبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعاد بزشكيان نشر جزء من خطاب المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي أكد فيه أن “أي مفاوضات تحت التهديد لا معنى لها” ووصفها بأنها “خسارة فادحة”. وأضاف الرئيس الإيراني، في تعليقه على منشور المرشد، أن “أي سياسي عاقل لن يقبل بمفاوضات يشوبها التنمر والاستقواء”.
نفي رسمي لأي لقاء مرتقب مع ترامب
وفي تصريحات للصحافيين قبيل مغادرته طهران، شدد بزشكيان على أنه لن يلتقي ترامب، رغم دعوات من التيار الإصلاحي في الداخل الإيراني للانخراط في حوار مباشر مع الولايات المتحدة. وقال:
“لا يمكن التفاوض مع من يريد الاستقواء والتنمر والمكر لفرض رأيه”.
كما أكد أن حضوره في الجمعية العامة لا يعني تليينا في الموقف الإيراني من واشنطن، بل هو “فرصة لعرض مواقف إيران بصوت قوي وواضح، والدفاع عن سيادة الشعوب في مواجهة قوى الهيمنة”.
خامنئي يجدد رفض المفاوضات مع واشنطن
في الوقت نفسه، أكد علي خامنئي في تصريحات جديدة أن “المفاوضات مع الولايات المتحدة لا فائدة منها، بل هي مضرة”، وهاجم الدعوات الغربية لوقف التخصيب النووي الإيراني قائلا:من يطالب بإيقاف التخصيب يريد تدمير إنجازات البلاد العظيمة، وسيتلقى صفعة من الشعب الإيراني”.
جاءت هذه التصريحات في توقيت حساس، حيث دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في كلمته أمام الجمعية العامة، إلى منع إيران من الحصول على سلاح نووي، واصفا إياها بـ”أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم”.
تيار إصلاحي ضاغط.. وخامنئي يضع الخطوط الحمراء
عشية مغادرته إلى نيويورك، أجرى بزشكيان لقاء مع خامنئي، قدم فيه تقريرا حول أجندته في الأمم المتحدة، واستمع إلى ملاحظات وتوجيهات مباشرة. وأشارت تقارير محلية إلى أن شخصيات بارزة من التيار الإصلاحي طالبت الرئيس بالحصول على موافقة المرشد لعقد لقاءات مع زعماء غربيين، بما في ذلك الرئيس الأمريكي.
لكن إعادة بزشكيان نشر خطاب خامنئي، وتأكيده على “الخط الأحمر”، اعتبر بمثابة رسالة علنية إلى الداخل والخارج مفادها أن سياسات طهران التفاوضية لن تتغير دون إذن صريح من المرشد الأعلى، وهو ما يبدد الآمال في أي اختراق دبلوماسي وشيك في العلاقة مع واشنطن.
رسائل من على منبر الأمم المتحدة
وفي تصريحاته الأولية، ركز بزشكيان على شعارات العدالة والاحترام المتبادل، مشيرا إلى أن الحضور في نيويورك يمثل “فرصة نادرة للحوار السياسي من منطلق العدالة والكرامة”. لكنه اتهم القوى الكبرى باتباع سياسات مزدوجة، قائلا:
“بينما ترفع القوى الكبرى شعارات حقوق الإنسان، فإنها تسلك طريق الهيمنة والعنف ضد الشعوب الأخرى”.
ومن المتوقع أن يلقي بزشكيان خطابه الرسمي أمام الجمعية العامة صباح الأربعاء، حيث سيعرض الموقف الإيراني من القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الملف النووي والعلاقات مع الغرب.
زيارة بزشكيان إلى نيويورك لم تأت بجديد على صعيد العلاقات الأمريكية-الإيرانية، لكنها أوضحت بجلاء حدود الحركة المسموح بها للرئيس الإيراني حتى في المحافل الدولية، وأكدت مرة أخرى أن صنع القرار في طهران يظل محصورا في يد المرشد الأعلى، بينما يقتصر دور الرئاسة على تمثيل السياسات لا صناعتها.










